جعلها في عينك وهو أقلّ من البيضة ، لأنّك إذا فتحتها عاينت السماء والأرض وما بينهما ، فلو شاء لأعماك عنها» (١).
إلمامة في شمول قدرته تعالى
كانت صفة القدرة من صفاته تعالى القديمة الذاتيّة ، وكان وصف شمولها متناسبا مع عموم ربوبيّته ، فإذ كان هو تعالى ربّا لكلّ شيء ، فاستدعى ذلك أن يكون قادرا على كلّ شيء.
إذ لا ربوبيّة في غير مقدور. فلولا شمول قدرته تعالى لما كان خالقا لكلّ شيء وربّا لكلّ شيء في عالم الوجود.
هذا هو مقتضى ألوهيته تعالى الشاملة : ألوهيّة شاملة ، فقدرة شاملة أيضا ، فخلق وتدبير شاملان.
غير أنّ شمول قدرته تعالى ، إنّما يعني كلّ أمر ممكن في ذاته ، مقدور في تحقّقه. حيث القدرة لا تتعلّق بالممتنع ذاتا المستحيل ، الأمر الّذي لا يعني عجزا في الفاعل ، وإنّما هو عدم الصلاح في القابل محضا.
فالممكنات بأسرها واقعة تحت قدرته تعالى ، لا يعجزه شيء ، (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً)(٢).
وإلى ذلك ينظر ما ورد من أحاديث البيضة ، وأنّ النقص والعجز إنّما هو في القابل وليس في الفاعل ، القادر المتعالي.
__________________
(١) التوحيد : ١٣٠ / ١١ ؛ البحار ٤ : ١٤٣ / ١٢.
(٢) فاطر ٣٥ : ٤٤.