(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أنزل بالمدينة ، وما كان (يا أَيُّهَا النَّاسُ) فبمكّة (١).
قلت : ولعلّه أراد خطابا لأهل مكّة وإن كان نزولها بالمدينة ، كما مرّ في حديث ابن عبّاس.
[٢ / ٥٨١] وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : كلّ سورة فيها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فهي مدنيّة (٢).
[٢ / ٥٨٢] وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن عروة قال : ما كان (يا أَيُّهَا النَّاسُ) بمكّة ، وما كان (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالمدينة (٣).
المكّي والمدني
ذكرنا في كتابنا «التمهيد» المعيار لتمييز المكّي والمدني من الآيات والسور. وكانت ثلاثة :
المعيار الزّمني : ما نزل قبل الهجرة إلى المدينة فهو مكّي وما نزل بعدها فهو مدني وهذا هو الأرجح الأوفق حسبما نبّهنا.
المعيار المحلّي : ما نزل بمكّة فهو مكّي ولو كان بعد الهجرة. وما نزل بالمدينة فهو مدني. وعليه فالآيات الّتي نزلت في الغزوات وفي الأسفار ، لا مكيّة ولا مدنيّة.
المعيار الخطابي : ما كان خطابا لأهل مكّة فهو مكّي وما كان خطابا لأهل المدينة فهو مدني.
وعلى هذا المعيار الأخير وردت بعض الروايات بأنّ كلّ سورة أو آية جاء فيها الخطاب ب (يا أَيُّهَا النَّاسُ) فهو مكّي. وما جاء فيه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فهو مدني.
وهذا المعيار قد رفضه أهل التحقيق ، لمخالفته للواقع قطعيّا.
ففي سورة البقرة المدنيّة كلّها بإجماع ، جاء قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) في موضعين : (الآية : ٢١ والآية : ١٦٨).
وفي سورة النساء المدنيّة أيضا جاء قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) في ثلاثة مواضع : (الآيات : ١ و ١٧٠ و ١٧٤).
وفي سورة الحجّ المدنيّة (٤) موضعان : (الآية : ١ والآية : ٧٣).
__________________
(١) الدرّ ١ : ٨٤ ؛ الحاكم ٣ : ١٨ ؛ الدلائل ٧ : ١٤٤.
(٢) الدرّ ١ : ٨٤ ؛ المصنّف ٧ : ١٨٥ / ٦.
(٣) الدرّ ١ : ٨٤ ؛ المصنّف ٧ : ١٨٥ / ٩.
(٤) ذكرنا الخلاف في مدنيّتها ـ التمهيد ١ : ١٧٢.