[٢ / ٦٦١] وقال السدّي عن أبي مالك : شركاءكم : أي قوما آخرين يساعدونكم على ذلك ؛ أي استعينوا بآلهتكم في ذلك يمدّونكم وينصرونكم (١).
قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا)
[٢ / ٦٦٢] أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) يقول : لن تقدروا على ذلك ولن تطيقوه (٢).
[٢ / ٦٦٣] وقال ابن كيسان : (وَلَنْ تَفْعَلُوا) توقيفا لهم على أنّه الحقّ ، وأنّهم ليسوا صادقين فيما زعموا من أنّه كذب ، وأنّه مفترى وأنّه سحر وأنّه شعر ، وأنّه أساطير الأوّلين ، وهم يدّعون العلم ولا يأتون بسورة من مثله (٣).
[٢ / ٦٦٤] وقال مقاتل بن سليمان : ثمّ يقول ـ سبحانه ـ : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) يعني تجيئوا به. فيها تقديم ، تقديمها : ولن تفعلوا ذلك فإن تفعلوا فأتوا بسورة من مثل هذا القرآن. فلم يجيبوه وسكتوا (٤).
[٢ / ٦٦٥] وروى ابن كثير بالإسناد إلى عمرو بن العاص أنّه وفد على مسيلمة الكذّاب وذلك قبل أن يسلم عمرو فقال له مسيلمة : ماذا أنزل على صاحبكم بمكّة في هذا الحين؟ فقال له عمرو : لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة ؛ فقال : وما هي فقال : (وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ...) ففكّر مسيلمة هنيئة ثمّ رفع رأسه فقال : ولقد أنزل عليّ مثلها ، فقال له عمرو : وما هو؟ فقال : يا وبر يا وبر ، وإنّما أنت أذنان وصدر ، وسائرك حفر نقر! ثمّ قال : كيف ترى يا عمرو؟ فقال له عمرو : والله إنّك لتعلم أنّي أعلم أنّك تكذب.
قال ابن كثير : والوبر دويبة تشبه الهرّ ، أعظم شيء فيه أذناه وصدره وباقيه دميم. فأراد مسيلمة أن يركّب من هذا الهذيان ما يعارض القرآن ، فلم يرج ذلك على عابدي الأوثان في ذلك الزمان (٥).
__________________
(١) ابن كثير ١ : ٦٢.
(٢) الدرّ ١ : ٨٩ ؛ الطبري ١ : ٢٤٣ / ٤١٨ باختلاف.
(٣) القرطبي ١ : ٢٣٤.
(٤) تفسير مقاتل ١ : ٩٣ ـ ٩٤.
(٥) ذكر ذلك في تفسير سورة العصر (٤ : ٥٨٥). وأورده هنا أيضا باختصار (١ : ٦٥) وفي تفسير سورة يونس الآية : ١٧ بتفصيل (٢ : ٤٢٦).