الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) يعني البساتين (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ) كلّما أطعموا منها من الجنّة من ثمره (رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) وذلك أنّ لهم في الجنّة رزقهم فيها بكرة وعشيّا ، فإذا أتوا بالفاكهة في صحاف الدرّ والياقوت في مقدار بكرة الدنيا ، وأتوا بالفاكهة غيرها على مقدار عشاء الدنيا ، فإذا نظروا إليه متشابه الألوان قالوا : هذا الّذي رزقنا من قبل يعني أطعمنا بكرة ، فإذا أكلوا وجدوا طعمه غير الّذي أتوا به بكرة ، فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) يعني يشبه بعضه بعضا في الألوان مختلفا في الطعم (١).
[٢ / ٧٣٨] وقال عليّ بن إبراهيم : وقوله : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً ؛) قال : يؤتون من فاكهة واحدة على ألوان متشابهة (٢).
[٢ / ٧٣٩] وقال الشيخ في التبيان : وقال بعضهم : إنّ ثمار الجنّة إذا جنيت من أشجارها عاد مكانها فإذا رأوا عاد بعد الّذي جني اشتبه عليهم فقالوا : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) وهذا قول أبي عبيدة ويحيى بن أبى كثير (٣).
قوله تعالى : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً)
فيه أقوال : الأوّل : أنّ ثمار الجنّة يشبه بعضه بعضا في الجودة :
[٢ / ٧٤٠] أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : خيار كلّه يشبه بعضه بعضا لا رذل فيه. ألم تر إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه (٤).
[٢ / ٧٤١] وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) أي خيارا لا رذل فيه ، وإنّ ثمار الدنيا ينقى منها ويرذل منها ، وثمار الجنّة خيار كلّه لا يرذل منه شيء (٥).
__________________
(١) تفسير مقاتل ١ : ٩٤.
(٢) القميّ ١ : ٣٤.
(٣) التبيان ١ : ١٠٩ ؛ مجمع البيان ١ : ١٣١.
(٤) الدرّ ١ : ٩٦ ؛ الطبري ١ : ٢٤٩ / ٤٣٣ ، بلفظ : قال : ألم تروا إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه؟ وإنّ ذلك ليس فيه رذل! ؛ البغوي ١ : ٩٥ ، بلفظ : قال الحسن وقتادة : «متشابها» أي يشبه بعضها بعضا في الجودة أي كلّها خيار لا رذالة فيها ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦١ / ٢٣ ، بلفظ : قال الحسن : يشبه بعضها بعضا ليس فيها من رذل.
(٥) الطبري ١ : ٢٤٩ / ٤٣٥.