[٢ / ٨٢٥] وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس ، في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) قال : هذا مثل ضربه الله للدنيا ، إنّ البعوضة تحيا ما جاعت ، فإذا سمنت ماتت ، وكذلك مثل هؤلاء القوم الّذين ضرب الله لهم هذا المثل في القرآن ، إذا امتلأوا من الدنيا ريّا أخذهم الله عند ذلك. قال : ثمّ تلا (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ)(١) الآية.
[٢ / ٨٢٦] وعنه أيضا بطريق آخر بنحوه ، إلّا أنّه قال : فإذا خلت آجالهم ، وانقطعت مدّتهم ، صاروا كالبعوضة تحيا ما جاعت وتموت إذا رويت ؛ فكذلك هؤلاء الّذين ضرب الله لهم هذا المثل إذا امتلأوا من الدنيا ريّا أخذهم الله فأهلكهم ، فذلك قوله : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ)(٢). (٣).
قوله تعالى : (مَثَلاً ما بَعُوضَةً)
[٢ / ٨٢٧] أخرج ابن جرير عن قتادة قال : البعوضة أضعف ما خلق الله (٤).
[٢ / ٨٢٨] وروى الطبرسيّ مرسلا عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «إنّما ضرب الله المثل بالبعوضة لأنّ البعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين فأراد الله سبحانه أن ينبّه بذلك المؤمنين على لطف خلقه وعجيب صنعه» (٥).
[٢ / ٨٢٩] وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : (مَثَلاً ما بَعُوضَةً) قال : يعني الأمثال صغيرها وكبيرها. ويؤمن بها المؤمنون ويعلمون أنّها الحقّ من ربّهم ويهديهم الله بها ، ويضلّ بها الفاسقين. يقول : يعرفه المؤمنون فيؤمنون به ، ويعرفه الفاسقون فيكفرون به (٦).
[٢ / ٨٣٠] وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والديلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا أيّها الناس لا تغترّوا بالله ، فانّ الله لو كان مغفلا شيئا لأغفل البعوضة ، والذرّة
__________________
(١) الأنعام ٦ : ٤٤.
(٢) الأنعام ٦ : ٤٤.
(٣) الطبري ١ : ٢٥٦ / ٤٦٢ ـ ٤٦٣ ؛ ابن كثير ١ : ٦٧ ؛ التبيان ١ : ١١١ ، باختلاف ؛ مجمع البيان ١ : ١٣٥ ، باختلاف ؛ أبو الفتوح ١ : ١٧٨ ، باختصار.
(٤) الدرّ ١ : ١٠٣ ؛ الطبري ١ : ٢٥٨ / ٤٦٦ ، و ٤٦٧ نقلا عن ابن جريج بنحوه.
(٥) مجمع البيان ١ : ١٣٥ ؛ التبيان ١ : ١١١ ؛ البحار ٩ : ٦٤.
(٦) الطبري ١ : ٢٥٧ / ٤٦٥.