فوقها ، وهو الذباب ، محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم! فقال الباقر عليهالسلام : سمع هؤلاء شيئا لم يضعوه على وجهه ، إنّما كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قاعدا ذات يوم هو وعليّ عليهالسلام إذ سمع قائلا يقول : ما شاء الله وشاء محمّد ، وسمع آخر يقول : ما شاء الله وشاء عليّ! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تقرنوا محمّدا وعليّا بالله عزوجل ، ولكن قولوا : ما شاء الله ثمّ شاء محمّد ما شاء الله ثمّ شاء عليّ. إنّ مشيئة الله هي القاهرة الّتي لا تساوى ولا تكافى ولا تدانى ، وما محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الله وفي قدرته إلّا كذبابة تطير في هذه المسالك الواسعة ، وما عليّ عليهالسلام في الله وفي قدرته إلّا كبعوضة في جملة هذه المسالك ، مع أنّ فضل الله تعالى على محمّد وعلي هو الفضل الّذي لا يفي به فضله على جميع خلقه من أوّل الدهر إلى آخره. هذا ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذكر الذباب والبعوضة في هذا المكان ، فلا يدخل في قوله (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً)» (١).
قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ)
[٢ / ٨٣٤] أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) قال : أي أنّ هذا المثل الحقّ من رّبّهم وأنّه كلام الله ومن عنده. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة مثله (٢).
[٢ / ٨٣٥] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُ) قال : يؤمن به المؤمنون ، ويعلمون أنّه الحقّ من ربّهم ، ويهديهم الله به ، وفي قوله : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً) يقول : يعرفه المؤمنون فيؤمنون به ويعرفه الفاسقون فيكفرون به (٣).
__________________
(١) البرهان ١ : ١٥٨ ـ ١٦٠ / ٢ ؛ تفسير الإمام : ٢٠٥ ـ ٢١٠ / ٩٥ و ٩٦ ؛ كنز الدقائق ١ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ؛ البحار ٢٤ : ٣٨٨ ـ ٣٩٢ / ١١٢ ، باب ٦٧.
(٢) الدرّ ١ : ١٠٤ ؛ الطبري ١ : ٢٦١ / ٤٦٨ ، عن الربيع بن أنس ، و ٤٦٩ ، عن قتادة بلفظ : أي يعلمون أنّه كلام الرحمان وأنّه الحقّ من الله ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٦٩ / ٦٩ ، بلفظ : عن أبي العالية (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) يعني هذا المثل ؛ ابن كثير ١ : ٦٨.
(٣) الدرّ ١ : ١٠٤ ؛ الطبري ١ : ٢٦١ / ٤٧٠ ؛ التبيان ١ : ١١١.