قوله تعالى : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ)
وبعد ، فإنّ الآية بذاتها تشير إلى سبب هذا الخذلان وأنّه ردّ فعل لما ارتكبوه من التمرّد والعصيان الملحّ : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ. الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).
إذن فقد كان الخذلان لموضع فسقهم وخروجهم عن حدود ما أمر الله به أن يوصل ، والسعي لغرض الإفساد في الأرض ، فكانت عاقبتهم الخسران والحرمان عن نفحات الرضوان.
وإليك بعض ما ورد بهذا الشأن :
[٢ / ٨٤٣] روى ثقة الإسلام الكليني بإسناده إلى سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمّد بن عذافر عن بعض أصحابه عن محمّد بن مسلم أو أبي حمزة عن الإمام أبي عبد الله الصادق عن أبيه أبي جعفر الباقر عليهماالسلام قال : قال لي أبي عليّ بن الحسين السجّاد عليهالسلام : «يا بنيّ! انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق. قلت : يا أبه! من هم؟ قال : إيّاك ومصاحبة الكذّاب ، فإنّه بمنزلة السراب ، يقرّب لك البعيد ويباعد لك القريب. وإيّاك ومصاحبة الفاسق ، فإنّه بائعك بأكلة أو أقلّ من ذلك. إيّاك ومصاحبة البخيل ، فإنّه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه. وإيّاك ومصاحبة الأحمق ، فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك. وإيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه ، فإنّي وجدته ملعونا في كتاب الله ـ عزوجل ـ في ثلاثة مواضع :
قال الله ـ عزوجل ـ : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ)(١).
وقال : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)(٢).
وقال : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ»)(٣)(٤).
__________________
(١) محمّد ٤٧ : ٢٣.
(٢) الرعد ١٣ : ٢٥.
(٣) البقرة ٢ : ٢٧.
(٤) الكافي ٢ : ٣٧٦ ـ ٣٧٧.