قال تعالى :
(كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨))
[٢ / ٨٦٣] قال الإمام العسكري : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لكفّار قريش واليهود : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ) الّذي دلّكم على طريق الهدى وجنّبكم ـ إن أطعتموه ـ سبيل الردى (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) في أصلاب آبائكم وأرحام أمّهاتكم (فَأَحْياكُمْ) أخرجكم أحياء (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) في هذه الدنيا ويقبركم (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) في القبور وينعم فيها المؤمنين ويعذّب الكافرين فيها (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) في الآخرة بأن تموتوا في القبور بعد ، ثمّ تحيوا للبعث يوم القيامة ، ترجعون إلى ما قد وعدكم من الثواب على الطاعات إن كنتم فاعليها ، ومن العقاب على المعاصي إن كنتم مقارفيها» (١).
[٢ / ٨٦٤] وقال عليّ بن إبراهيم : وقوله : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) أي نطفة ميتة وعلقة ، فأجرى فيكم الروح (فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) بعد (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) في القيامة.
قال : والحياة في كتاب الله على وجوه كثيرة ، فمن الحياة ابتداء خلق الله الإنسان في قوله : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) ، فهي الروح المخلوقة الّتي خلقها الله وأجراها في الإنسان.
والوجه الثاني من الحياة ، يعني إنبات الأرض ، وهو قوله : (وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)(٢) والأرض الميتة : الّتي لا نبات بها فإحياؤها بنباتها.
ووجه آخر من الحياة ، وهو دخول الجنّة ، وهو قوله : (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ)(٣) ، يعني الخلود في الجنّة ، والدليل على ذلك قوله : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ)(٤). (٥).
[٢ / ٨٦٥] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ) بأنّه واحد لا شريك له (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) يعني نطفا (فَأَحْياكُمْ) يعني فخلقكم وذلك قوله ـ سبحانه ـ : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ
__________________
(١) تفسير الإمام : ٢١٠ / ٩٧ ؛ البحار ٦ : ٢٣٦ / ٥٤.
(٢) الروم ٣٠ : ١٩.
(٣) الأنفال ٨ : ٢٤.
(٤) العنكبوت ٢٩ : ٦٤.
(٥) القميّ ١ : ٣٥.