قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) يقول : خلق سبع سماوات بعضهنّ فوق بعض ، وسبع أرضين بعضهنّ تحت بعض (١).
[٢ / ٨٨٢] وقال مقاتل بن سليمان : فأمّا اليهود فعرفوا وسكتوا وأمّا المشركون فقالوا : أئذا كنّا ترابا من يقدر أن يبعثنا من بعد الموت؟ فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) من شيء (٢).
[٢ / ٨٨٣] وروى زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطّاب أنّ رجلا أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فسأله أن يعطيه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما عندي شيء ولكن ابتع عليّ فإذا جاء شيء قضينا» (٣) ، فقال له عمر : هذا أعطيت إذا كان عندك فما كلّفك الله ما لا تقدر. فكره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قول عمر ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله! «أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا» (٤). فتبسّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعرف السرور في وجهه لقول الأنصاري ، ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بذلك أمرت» (٥).
كلام عن أصالة الإباحة
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)
تشير هذه الآية الكريمة وما شابهها من آيات (٦) إلى أصل أصيل من أمّهات القواعد الفقهيّة ،
__________________
(١) الدرّ ١ : ١٠٦ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦٣ / ٢٩ ؛ الطبري ١ : ٢٨٠ ـ ٢٨١ / ٤٩٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٧٤ / ٣٠٤ ؛ العظمة ٤ : ١٣٦٧ / ٨٨٣ ؛ القرطبي ١ : ٢٥٥ ، بلفظ : قال مجاهد وغيره من المفسّرين : إنّه تعالى أيبس الماء الّذي كان عرشه عليه فجعله أرضا وثار منه دخان فارتفع ، فجعله سماء فصار خلق الأرض قبل خلق السماء ثمّ قصد أمره إلى السماء فسوّاهنّ سبع سماوات ، ثمّ دحا الأرض بعد ذلك وكانت إذ خلقها غير مدحوّة ؛ ابن كثير ١ : ٧١ ـ ٧٢.
(٢) تفسير مقاتل ١ : ٩٦.
(٣) أي اشتر ما تبغي على حسابنا ، فإذا جاءنا شيء نسدّه.
(٤) الإقلال : الإفقار ضدّ الإغناء.
(٥) القرطبي ١ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، وقال : فخوف الإقلال من سوء الظنّ بالله ، لأنّ الله تعالى خلق الأرض بما فيها لولد آدم وقال في تنزيله : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) ؛ كنز العمّال ٧ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ / ١٨٦٣٧ ، باختلاف ؛ الشمائل المحمّديّة : ٢٩٤ ؛ مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا : ١١٨ / ٣٩٠.
(٦) منها قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة ٢ :