على الجميع ، ولا دليل على التخصيص (١).
قال الفاضل المقداد : الآية إخبار بكون الأرض محلّ المعاش والارتزاق ، والامتنان على عباده بإباحة ذلك لهم (٢).
إباحة ذاتيّة تتبعها إباحة ظاهريّة
أصالة الإباحة الجارية في عامّة الأشياء إباحة ذاتيّة ، تعني إباحة كلّ شيء ذاتيّا وبعنوانه الذاتي الأوّلي ، ليكون كل شيء منحته الطبيعة من جمادها ونباتها وحيوانها جعلت بفطرتها الأوّليّة في متناول الإنسان ، أي خلقت لينتفع بها الإنسان في مآربه حسبما يشاء جعلا أوّليّا. فالأشجار والثمار والأنهار ، وكذا المعادن والآجام والجبال والبحار ، والطير في الهواء والحيوان في الغابات والقفار ، كلّ ذلك كانت مباحة للإنسان ، في أصل خلقتها ذاتيّا ، وليس لطروّ عنوان آخر يعرضها أحيانا.
فالأصل في كلّ شيء ـ حسب ذاته ـ هي الإباحة وجواز الانتفاع به ما لم يمنعه دليل خاصّ. نعم كان المشكوك حلّيته ـ أيضا ـ ملحقا بعموم العامّ حتّى يتبيّن خروجه عن العموم. وهذا من باب تحكيم العامّ فيما شك في خروجه ، إذا كان المخصّص منفصلا ، قاعدة أصوليّة مطّردة. لأنّ العامّ قد انعقد عمومه ، ولا ينفصم إلّا حيث علم شمول التخصيص له.
وعليه فالأصل الظاهري (إجراء أصل الإباحة في المشكوك حرمته) امتداد للأصل الذاتي وإسراء له في موارد شكّ خروجها من تحت ذاك العام.
وبذلك دلّت النصوص الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام :
[٢ / ٨٨٤] روى ثقة الإسلام الكليني عن شيخه عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : سمعته يقول : «كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه».
__________________
(١) زبدة البيان في أحكام القرآن للمحقّق الأردبيلي : ٣٦١ ـ ٣٦٥. نقلا بتوضيح.
(٢) كنز العرفان ٢ : ٢.