لقمان (١) ، ليست في السماء ولا في الأرض ، فتحرّك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض ، فأرسى عليها الجبال فقرّت ، فالجبال تفخر على الأرض ، فذلك قوله : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ)(٢) وخلق الجبال فيها ، وأقوات أهلها ، وشجرها ، وما ينبغي لها في يومين : في الثلاثاء والأربعاء ، وذلك قوله : (أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ) إلى قوله (وَبارَكَ فِيها)(٣) يقول : أنبت شجرها (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) ، يقول : لأهلها (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) يقول : من سأل ، فهكذا الأمر. (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ)(٤) وكان ذلك الدخان من تنفّس الماء حين تنفّس ، ثمّ جعلها سماء واحدة ، ثمّ فتقها فجعلها سبع سماوات في يومين : في الخميس والجمعة ، وإنّما سمّي يوم الجمعة ، لأنّه جمع فيه خلق السماوات والأرض (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها)(٥) قال : خلق في كلّ سماء خلقها ، من الملائكة ، والخلق الّذي فيها من البحار وجبال البرد وما لا يعلم. ثمّ زيّن السماء الدنيا بالكواكب ، فجعلها زينة وحفظا من الشياطين فلمّا فرغ من خلق ما أحبّ استوى على العرش (٦).
[٢ / ٩٠٢] وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الردّ على الجهميّة عن عبد الله بن عمرو قال : لمّا أراد الله أن يخلق الأشياء إذ كان عرشه على الماء ، وإذ لا أرض ولا سماء ، خلق الريح فسلّطها على الماء حتّى اضطربت أمواجه وأثار ركامه ، فأخرج من الماء دخانا وطينا وزبدا ، فأمر الدّخان فعلا وسما ونما ، فخلق منه السماوات ، وخلق من الطين الأرضين ، وخلق من الزبد الجبال (٧).
[٢ / ٩٠٣] وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ ومسلم والنسائي وابن المنذر وأبو الشيخ في
__________________
(١) لقمان ٣١ : ١٦.
(٢) النحل ١٦ : ١٥.
(٣) فصّلت ٤١ : ٩ ـ ١٠.
(٤) فصّلت ٤١ : ١١.
(٥) فصّلت ٤١ : ١٢.
(٦) الدرّ ١ : ١٠٦ ـ ١٠٧ ؛ الطبري ١ : ٢٧٩ / ٤٩٤ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٧٤ ـ ٧٥ / ٣٠٦ ، إلى قوله : «فهكذا الأمر» نقله عن السدّي ؛ الأسماء والصفات ، الجزء الثالث : ٥٣٦ ـ ٥٣٧ ؛ القرطبي ١ : ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، وزاد في آخره : قال : فذلك حين يقول : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)* ويقول : (كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ؛) ابن كثير ١ : ٧١.
(٧) الدرّ ١ : ١٠٧ ؛ الردّ على الجهميّة : ١٢ / ٩ (ط ١٩٦٠ ليدن).