من قواعد السحب لصوت الرعد الأصلي (١).
وبذلك يبدو وجه مناسبة التعقيب بقوله تعالى : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) وكذا عند الحديث عن السحاب الثقال (٢). فإنّ البرق وليد هكذا سحب ركاميّة ثقيلة (جبليّة).
قال سيّد قطب : إنّ يد الله تزجي السحاب وتدفعه من مكان إلى مكان. ثمّ تؤلّف بينه وتجمعه ، فإذا هو ركام بعضه فوق بعض. فإذا ثقل خرج منه الماء والوبل الهاطل ، وهو في هيئة الجبال الضخمة الكثيفة ، فيها قطع البرد الثلجيّة الصغيرة ... ومشهد السحب كالجبال لا يبدو كما يبدو لراكب الطائرة وهي تعلو فوق السحب أو تسير بينها ، فإذا المشهد مشهد الجبال حقّا بضخامتها ومساقطها وارتفاعاتها وانخفاظاتها. وإنّه لتعبير مصوّر للحقيقة الّتي لم يرها الناس إلّا بعد ما ركبوا الطائرات (٣). بل ويمكن مشاهدتها في الصحاري الواسعة عن بعد.
٨ ـ (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ)
قال تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ)(٤).
ما تعني المثليّة؟ هل هي في الصنع والإتقان؟ أم في العدد؟ وما هنّ على هذا الفرض؟
ولم تذكر الأرض في القرآن إلّا مفردة سوى في هذا الموضع ، حيث شبهة إرادة التعدّد إلى سبع أرضين ، كما جاء في الحديث ودار على الألسن!
وفسّر التعدّد من وجوه :
١ ـ سبع قطاع من الأرض على وجهها من أقاليم أو قارّات.
٢ ـ سبع أطباق من الأرض في قشرتها المتركّبة من طبقات (٥).
٣ ـ الكواكب السبع السيّارة ، كلّ كوكبة ـ ومنها أرضنا ـ أرض ، والغلاف الهوائي المحيط بها سماء (٦).
__________________
(١) راجع ما سجّلناه بهذا الصدد في حقل الإعجاز العلمي للقرآن في التمهيد ، المجلّد ٦.
(٢) الرعد ١٣ : ١٢. والجمع في «ثقال» باعتبار كون «السحاب» اسم جنس يفيد الجمع ، واحدتها سحابة.
(٣) في ظلال القرآن ١٨ : ١٠٩ ـ ١١٠ ، المجلّد ٦.
(٤) الطلاق ٦٥ : ١٢.
(٥) راجع : الميزان ١٩ : ٣٢٦ ؛ تفسير نمونه ٢٤ : ٢٦١.
(٦) راجع : تفسير الجواهر ١ : ٤٩.