أن نتوفّاك ، قال : بقي من أجلي أربعون! قالوا : أليس قد أعطيتها ابنك داوود؟ قال : ما أعطيت أحدا شيئا. قال أبو هريرة : جحد آدم وجحدت ذرّيّته ، ونسي ونسيت ذرّيّته (١).
[٢ / ٩٨٩] وأخرج أبو الشيخ بسند صحيح عن ابن زيد يرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّ الله لمّا أراد أن يخلق آدم بعث ملكا والأرض يومئذ وافرة ، فقال : اقبض لي منها قبضة ائتني بها أخلق منها خلقا. قالت : فإنّي أعوذ بأسماء الله أن تقبض اليوم منّي قبضة يخلق خلقا يكون لجهنّم منه نصيب ، فعرج الملك ولم يقبض منها شيئا. فقال له : مالك؟ قال : عاذت بأسمائك أن أقبض منها خلقا يكون لجهنّم منه نصيب فلم أجد عليها مجازا ، فبعث ملكا آخر ، فلمّا أتاها قالت له مثل ما قالت للأوّل فعرج ولم يقبض منها شيئا ، فقال له الربّ مثل ما قال لأوّل ، ثمّ بعث الثالث فقالت له مثل ما قالت لهما ، فعرج ولم يقبض منها شيئا ، فقال له الربّ تعالى مثل ما قال للّذين قبله.
ثمّ دعا إبليس ـ واسمه يومئذ في الملائكة حباب ـ فقال له : اذهب فاقبض لي من الأرض قبضة ، فذهب حتّى أتاها ، فقالت له مثل ما قالت للّذين من قبله من الملائكة ، فقبض منها قبضة ولم يسمع لحرجها ، فلمّا أتاه قال الله تعالى : ما أعاذتك بأسمائي منك؟ قال : بلى. قال : فما كان من أسمائي ما يعيذها منك؟ قال : بلى. ولكن أمرتني فأطعتك. فقال الله : لأخلقنّ منها خلقا يسوء منه وجهك! فألقى الله تلك القبضة في نهر من أنهار الجنّة حتّى صارت طينا ، فكان أوّل طين ، ثمّ تركها حتّى صارت حمأ مسنونا منتن الريح ، ثمّ خلق منها آدم ، ثمّ تركه في الجنّة أربعين سنة حتّى صار صلصالا كالفخّار ، يبس حتّى كان كالفخّار. ثمّ نفخ فيه الروح بعد ذلك ، وأوحى الله إلى ملائكته : إذا نفخت فيه من الروح فقعوا له ساجدين ، وكان آدم مستلقيا في الجنّة فجلس حين وجد مسّ الروح فعطس ، فقال الله له : احمد ربّك فقال : الحمد لله ، فقال : يرحمك ربّك. فمن هنالك يقال : سبقت رحمته غضبه. وسجدت الملائكة إلّا هو ، قام. فقال : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)(٢)(أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ)(٣) فأخبر الله أنّه لا يستطيع أن يعلن على الله ما يكيد على صاحبه ، فقال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ. قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها) إلى قوله : (وَلا تَجِدُ
__________________
(١) الدرّ ١ : ١١٥ ـ ١١٦.
(٢) الأعراف ٧ : ١٢.
(٣) سورة ص ٣٨ : ٧٥.