أن يأذن الله. (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ)(١).
وهذا الإذن منه تعالى تابع لإرادة العبد إن خيرا أراد أو شرّا. وذلك تحقيقا لجانب إمكان اختيار العباد فيما يشاؤون.
وبهذا التمهيد ـ منذ البدء ـ فسّرنا الحديث المعروف : «السعيد من سعد في بطن أمّه ، والشقيّ من شقي في بطن أمّه» (٢). أي من علم الله أنّه يسعد في الحياة ويتّخذ طريق السعادة بفضل اختياره ، فهذا يمنحه تعالى عناية أكثر منذ نعومة أظفاره. وأمّا الّذي يتخذ طريق الغيّ والغواية بسوء نيّته ، فهذا يخذله الله ويتركه في مهاوي ضلاله منذ عرف نفسه. وبهذا التفسير جاء عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام (٣).
قوله تعالى : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)
[٢ / ١٠٢١] أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح في قوله : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) قال : نعظّمك ونمجّدك (٤).
[٢ / ١٠٢٢] وقال ابن عبّاس : كلّ ما في القرآن من التسبيح فالمراد منه الصلاة (٥).
[٢ / ١٠٢٣] وقال الحسن : نقول سبحان الله وبحمده وهو صلاة الخلق وصلاة البهائم وغيرهما سوى الآدميّين وعليها يرزقون (٦).
[٢ / ١٠٢٤] وأخرج الحاكم عن طلحة بن عبيد الله قال : «سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تفسير سبحان الله ، فقال : هو تنزيه الله عزوجل عن كلّ سوء» (٧).
[٢ / ١٠٢٥] وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٠٢.
(٢) البحار : ١٥٧ / ١٠.
(٣) لنا كلام تفصيلي عن مسألة السعادة والشقاء ، في التمهيد ٣ : ٣١٥ ـ ٣٢٨ فراجع.
(٤) الدرّ ١ : ١١٤ ؛ الطبري ١ : ٣٠٤ / ٥٢٥ ؛ القرطبي ١ : ٢٧٧ ، بلفظ : أي نعظّمك ونمجّدك ونطهّر ذكرك عمّا لا يليق بك ممّا نسبك إليه الملحدون ، قاله مجاهد وأبو صالح وغيرهما.
(٥) المصدر.
(٦) البغوي ١ : ١٠٢.
(٧) الحاكم ١ : ٥٠٢ ، كتاب الدعاء ؛ القرطبي ١ : ٢٧٦.