من لحمي. هذه تدعى امرأة لأنّها من امرء أخذت. لذلك يترك الرجل أباه وأمّه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدا واحدا!؟».
ما كانت جنّة آدم؟
[٢ / ١١٩٢] قال الشيخ : قال الحسن وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وأكثر المعتزلة كأبي علي والرمّاني وأبي بكر بن الإخشيد ، وعليه أكثر المفسّرين : إنّها كانت جنّة الخلد (١).
قال أبو إسحاق الثعلبي : قالت القدريّة : إنّ الجنّة الّتي أسكنها الله آدم وحوّاء لم تكن جنّة الخلد وإنّما كان بستانا من بساتين الدنيا. واحتجّوا بأنّ الجنّة لا يكون فيها ابتلاء وتكليف. والجواب : أنّا قد أجمعنا على أنّ أهل الجنّة مأمورون فيها بالمعرفة ومكلّفون بذلك. وجواب آخر : أنّ الله تعالى قادر على الجمع بين الأضداد ، فأرى آدم المحنة في الجنّة وأرى إبراهيم النّعمة في النّار ، لئلّا يأمن العبد ربّه ولا يقنط من رحمته ، وليعلم أنّ له أن يفعل ما يشاء.
واحتجّوا أيضا بأنّ من دخل الجنّة يستحيل الخروج منها ، قال الله تعالى : (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ)(٢). والجواب : أنّ من دخلها للثواب لا يخرج منها أبدا ، وآدم له أن يدخلها للثواب. ألا ترى أنّ رضوان خازن الجنّة يدخلها ثمّ يخرج منها ، وإبليس كان داخل الجنّة وأخرج منها! (٣).
***
قال الإمام الرازي : اختلفوا في الجنّة المذكورة في الآية ، هل كانت في الأرض أو في السماء؟ وبتقدير أنّها كانت في السماء فهل هي الجنّة الّتي هي دار الثواب أو جنّة الخلد أو جنّة أخرى؟
فقال أبو القاسم البلخي وأبو مسلم الأصفهاني : هذه الجنّة كانت في الأرض. وحملا الإهباط على الانتقال من بقعة إلى أخرى ، كما في قوله تعالى : (اهْبِطُوا مِصْراً)(٤).
واحتجّا بوجوه : أحدها : أنّ هذه الجنّة لو كانت هي دار الثواب لكانت جنّة الخلد. ولو كان آدم في جنّة الخلد لما لحقه الغرور من إبليس بقوله : (هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى)(٥). ولما
__________________
(١) التبيان ١ : ١٥٦ ؛ مجمع البيان ١ : ١٦٨.
(٢) الحجر ١٥ : ٤٨.
(٣) الثعلبي ١ : ١٨٢.
(٤) البقرة ٢ : ٦١.
(٥) طه ٢٠ : ١٢٠.