(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤))
(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥))
أمّا البسملة فقد مرّ تفسيرها والكلام عن سائر شؤونها ، في مفتتح تفسير سورة الحمد.
وكذا الحروف المقطّعة ، جمعنا أطراف الكلام فيها في مقال ضاف ، فيما سبق من المقدّمات التمهيديّة.
أمّا الآيات ـ حتّى الآية العشرين فبحث تمهيديّ للورود في مقاصد السورة وبيان أهدافها على ما سبق ، وتشتمل على بيان أحوال الناس تجاه دعوة الأنبياء وغيرهم من مصلحين ذوي إخلاص ، إمّا أناس متعهدون فيصغون بكلّ مسامعهم لما يلقى عليهم من عظات وحكم (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)(١).
وإمّا جاحدون مناوؤون ، يرفضون كلّ أطروحة ـ مهما كانت إصلاحيّة ـ فور أن لمسوا منها منافية لمصالحهم هم بالذات ، من غير ملاحظة مصالح الآخرين من سائر الناس. (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا)(٢).
وإمّا مراوغون ، لا جرأة لهم على المخالفة ، ولا رضا لهم بالتسليم ، (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ)(٣).
أمّا احتمال وجود فئة رابعة ، شاكّة ومرتابة في أمر دعوة الحقّ ، فهذا شيء ينفيه القرآن بكلّ صراحة : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) حيث وفور الدلائل الواضحة بإثبات الحقّ الصريح.
***
فهناك ـ وعلى مرّ الدهور ـ فئات ثلاث تجاه دعوة الحقّ الصّريح ، إمّا أناس متعهدون ، ـ وعبّر
__________________
(١) الزمر ٣٩ : ١٧.
(٢) النمل ٢٧ : ١٤.
(٣) النساء ٤ : ١٤٣.