ماذا كانت الشجرة المنهيّة؟
[٢ / ١٢٠٧] ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي نقلا عن الكلبي : أنّها شجرة العلم ، أي معرفة الخير من الشرّ (١).
[٢ / ١٢٠٨] وعن قتادة : إنّها شجرة العلم وفيها من كلّ شيء (٢).
قلت : هذا مأخوذ من التوراة حرفيّا : «وأمّا شجرة معرفة الخير والشرّ فلا تأكل منها ، لأنّك يوم تأكل منها تموت موتا» (٣).
[٢ / ١٢٠٩] وبهذا المعنى أيضا ما أخرجه ابن جرير عن ابن حميد قال : حدّثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة أنّه حدّث : أنّها الشجرة الّتي تحتكّ بها الملائكة للخلد (٤).
قوله : «تحتكّ بها» أي تحكّ بها ملامس أبدانها لتجعلها صالحة للخلود. وقد يراد : احتكاك الأسنان بها ، كناية عن مضغها للأكل. كما في الحديث التالى :
[٢ / ١٢١٠] وأخرج عن عبد الرزّاق عن عمرو بن عبد الرحمان بن مهرب قال : سمعت وهب بن منبّه يقول : لما أسكن الله آدم وزوجه ونهاه عن الشجرة ، وكانت شجرة غصونها متشعّب بعضها في بعض ، وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم ، وهي الثمرة الّتي نهى الله آدم عنها وزوجه (٥).
قلت : تلك أحاديث تبدو عليها شائبة إسرائيليّة لا مساغ لها.
[٢ / ١٢١١] وروى الصدوق بإسناده إلى عبد السّلام بن صالح الهروي قال : «قلت للرضا عليهالسلام : يا ابن رسول الله أخبرني عن الشجرة الّتي أكل منها آدم وحوّا ، ما كانت؟ فقد اختلف الناس فيها ، فمنهم من يروي أنّها الحنطة ومنهم من يروي أنّها العنب ومنهم من يروي أنّها شجرة الحسد؟ فقال : كلّ ذلك حقّ! قلت : فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال : يا أبا الصلت إنّ شجرة الجنّة تحمل أنواعا ،
__________________
(١) التبيان ١ : ١٥٨ ؛ مجمع البيان ١ : ١٦٩ ؛ أبو الفتوح ١ : ٢٢٠.
(٢) الثعلبي ١ : ١٨٢ ؛ البغوي ١ : ١٠٥.
(٣) سفر التكوين الأصحاح الثاني : ١٧. وجاء في الأصحاح الثالث عن قول إبليس : «لن تموتا. بل الله عالم أنّه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشرّ» فعلى ما جاء في سفر التكوين كان الله قد كذب ـ والعياذ ـ بالله ـ وصدق إبليس .. فما أقبح بمسلم أن يأخذ من سلعة كاسدة تفسيرا للقرآن العظيم!!
(٤) الطبري ١ : ٣٣٢ / ٦٠٧.
(٥) المصدر : ٣٣٦ ـ ٣٣٧ / ٦١٩ ؛ وابن كثير ١ : ٨٣.