فأدخلته في فمها فمرّت الحيّة على الخزنة فدخلت ولا يعلمون ؛ لما أراد الله من الأمر ، فكلّمه من فمها فلم يبال بكلامه ، فخرج إليه فقال : (يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى)(١) وحلف لهما بالله : (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ)(٢) فأبى آدم أن يأكل منها ، فقعدت حوّاء فأكلت ثمّ قالت : يا آدم كل فإنّي قد أكلت فلم يضرّبي. فلمّا أكل (فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ)(٣). (٤)
[٢ / ١٢٥٦] وأخرج ابن جرير عن الربيع ، قال : حدّثني محدّث أنّ الشيطان دخل الجنّة في صورة دابّة ذات قوائم ، فكان يرى أنّه البعير. قال : فلعن فسقطت قوائمه فصار حيّة (٥).
[٢ / ١٢٥٧] وروي عن صالح بن حيّان قال : رأيت عبد الله بن عمر يعالج حيّة صغيرة يريد أن يقتلها فقلت : ما تصنع؟ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما سالمناهنّ منذ عاديننا فاقتلوهنّ حيث وجدتموهنّ» (٦).
[٢ / ١٢٥٨] وأخرج ابن جرير بالإسناد إلى عمرو بن عبد الرحمان بن مهرب قال : سمعت وهب بن منبّه يقول : لمّا أسكن الله آدم وذرّيّته أو زوجته ـ الشكّ من أبي جعفر ، وهو في أصل كتابه : وذرّيّته ـ نهاه عن الشجرة وكانت شجرة غصونها متشعّب بعضها في بعض ، وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم ، وهي الثمرة الّتي نهى الله آدم عنها وزوجته. فلمّا أراد إبليس أن يستزلّهما دخل في جوف الحيّة ، وكانت للحيّة أربع قوائم كأنّها بختيّة (٧) من أحسن دابّة خلقها الله. فلمّا دخلت الحيّة الجنّة خرج إبليس من جوفها ، فأخذ من الشجرة الّتي نهى الله عنها آدم وزوجته ، فجاء بها إلى حوّاء ، فقال : انظري إلى هذه الشجرة ، ما أطيب ريحها وأطيب طعمها وأحسن لونها! فأخذت حوّاء فأكلت منها ، ثمّ ذهبت بها إلى آدم فقالت : انظر إلى هذه الشجرة ، ما أطيب ريحها ، وأطيب طعمها وأحسن لونها! فأكل منها آدم فبدت لهما سوآتهما ، فدخل آدم في جوف الشجرة ، فناداه ربّه : يا آدم أين أنت؟ قال :
__________________
(١) طه ٢٠ : ١٢٠.
(٢) الأعراف ٧ : ٢١.
(٣) طه ٢٠ : ١٢١.
(٤) الدرّ ١ : ١٣٠ ـ ١٣١ ؛ الطبري ١ : ٣٣٧ ـ ٣٣٨ / ٦٢٠.
(٥) الطبري ١ : ٣٣٨ / ٦٢١ ؛ تاريخ الطبري ١ : ٧٣.
(٦) الوسيط ١ : ١٢٣.
(٧) البختيّ : جمل كبير الجثّة طويل العنق.