الموثّرة عبر الوجود ، لا إرادة الفاعلين.
إن هذا إلّا تناقض فاضح!! أللهمّ إلّا أن نقول : إنّ موسى رجع عن عقيدته في مسألة «الاستطاعة والاختيار» وعاد إلى مذهب أبيه آدم في الجبر وسلب مسؤوليّة العباد فيما يجتاحون. وهذا أفضح!
الأمر الذي يوهن نسبته إلى النبيّ الكريم وحاشاه صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
إرادة تشريع وإرادة تكوين
هناك روايات وردت بشأن خطيئة آدم عليهالسلام جعلت من إرادة الله ـ تعالى ـ نوعين : إرادة حتم ، هي تشريعيّة : وإرادة عزم ، هي تكوينيّة! الأمر الّذي دار البحث حوله منذ عهد قديم.
[٢ / ١٢٩٨] روى أبو جعفر الصدوق بإسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجاني قال : لقيت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام عند منصرفه من مكّة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق ، فسمعته يقول : «من اتّقى الله يتّقى ومن أطاع الله يطاع».
فتلطّفت في الوصول إليه فسلّمت ... وكان بينهما مسائل منها مسألة إرادة الله في الخلق والتكليف ، فقال : «يا فتح ، إنّ لله إرادتين ومشيئتين ، إرادة حتم وإرادة عزم : ينهى وهو يشاء ، ويأمر وهو لا يشاء. أو ما رأيت أنّه نهى آدم وزوجه أن يأكلا من الشجرة ، وهو شاء ذلك ، ولو لم يشأ لم يأكلا ، ولو أكلا (أي مع عدم مشيئته تعالى) لغلبت مشيّتهما مشيّة الله. وأمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل ، وشاء أن لا يذبحه ، ولو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشيّة إبراهيم مشيّة الله» (٢).
[٢ / ١٢٩٩] ورواه الكليني عن شيخه عليّ بن إبراهيم عن المختار بن محمّد الهمداني ومحمّد بن الحسن عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليهالسلام قال : «إنّ لله إرادتين ومشيّتين ، إرادة حتم وإرادة عزم ، ينهى وهو يشاء ، ويأمر وهو لا يشاء ، أو ما رأيت أنّه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك ، ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيّتهما مشيّة الله ،
__________________
(١) راجع : الطرائف لرضيّ الدين أبي القاسم ابن طاووس : ٣٢٤ ـ ٣٢٦ والبحار ٥ : ٨٩ / ٨.
(٢) التوحيد : ٦٤ / ١٨ والحديث طويل ؛ البحار ٤ : ١٣٩ / ٥.