وأمر إبراهيم أن يذبح إسماعيل ولم يشأ أن يذبحه ، ولو شاء لما غلبت مشيّة إبراهيم مشيّة الله» (١).
[٢ / ١٣٠٠] وأيضا عنه عن أبيه عن عليّ بن معبد عن واصل بن سليمان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : «أمر الله ولم يشأ وشاء ولم يأمر ، أمر إبليس أن يسجد لآدم وشاء أن لا يسجد ، ولو شاء لسجد ، ونهى آدم عن أكل الشجرة وشاء أن يأكل منها ، ولو لم يشأ لم يأكل» (٢).
***
قال سيّدنا العلّامة الطباطبائي : في هذه الروايات تقسيم للإرادة إلى تشريعيّة وتكوينيّة (٣). فالتشريعيّة هي أوامره تعالى ونواهيه لعباده لغرض الطاعة. وأمّا التكوينيّة فهو إذنه تعالى في التحقّق والوجود. فقد يأمر ولا يأذن ، فهذا لا يتحقّق وجودا ، وإن كان العبد مأمورا بإتيانه ، كما في قصّة الذبيح ، أمر الله نبيّه إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل ، لكنّه تعالى لم يأذن في تحقّقه فلم يقع.
وهذا غالبا مّا يكون في الأوامر الامتحانيّة ، حيث المصلحة ملحوظة في إنشاء الطلب محضا لا في تحقّق المطلوب عينا.
وهكذا الأمر بشأن خطيئة آدم ، نهاه عن تناول الشجرة ـ امتحانا لعزيمته في الإيفاء بالعهد ـ مع علمه تعالى بأنّه سوف يزلّ وينسى عهده ، ومن ثمّ سرّح جانبه بأن أطلق يده في تناول الشجرة. فقد أذن في وقوع الخطيئة ولم يمنع من تحقّقها ، حيث المجال كان مجال الاختبار ، ولا يمكن إلّا بإطلاق السراح.
فهناك لله إرادتان : إرادة حتم ، هي تكاليفه. وإرادة عزم ، هي مشيئته في التكوين. قال تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(٤) أي وما تشاؤون فعل شيء إلّا أن يأذن الله ... (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ)(٥).
__________________
(١) الكافي ١ : ١٥١ / ٤ ، كتاب التوحيد ، باب المشيّة والإرادة ؛ نور الثقلين ١ : ٦٢ ؛ البرهان ١ : ١٨٤ / ١٠.
(٢) الكافي ١ : ١٥٠ ـ ١٥١ / ٣.
(٣) هامش البحار ٤ : ١٤٠ / ١. وراجع تعليقه على الكافي (١ : ١٥١) عبّر عن الإرادة التشريعيّة بالاعتباريّة ، وعن التكوينيّة بالحقيقيّة. حيث التشريع جعل اعتباري أي فرض اعتبار محض. أمّا التكوين فهو إيجاده في العين أي الحقيقة العينيّة الخارجيّة.
(٤) الإنسان ٧٦ : ٣٠.
(٥) البقرة ٢ : ١٠٢.