المخاطب ـ هنا ـ آدم وحوّاء وذرّيّتهما ، باعتبارهما رأسا للجميع. حيث المخاطب في الحقيقة هم بنو الإنسان وقد خلقوا للأرض وفي الأرض وليعمروا الأرض. ويدلّ على ذلك تفريعات جاءت في ذيل الآية :
(وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)(١)(وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ)(٢).
(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٣).
وقد تكلّمنا عن موارد من لغة العرب والقرآن جاء فيها الجمع مرادا به الاثنان ، باعتباره جمعا بينهما ، أو الاثنان فما فوق ، عرفا شائعا (٤).
وفي الأخبار بيان من وجوه اخر :
[٢ / ١٣٠٢] أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس في قوله : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) قال : آدم وحوّاء وإبليس والحيّة! (٥)
[٢ / ١٣٠٣] وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) قال : آدم والحيّة والشيطان (٦).
[٢ / ١٣٠٤] وأخرج ابن جرير بالإسناد إلى مجاهد قال : آدم وذرّيّته ، وإبليس وذرّيّته (٧).
[٢ / ١٣٠٥] وأخرج ابن جرير عن السّدّي في قوله : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) قال : فلعن الحيّة وقطع قوائمها وتركها تمشي على بطنها ، وجعل رزقها من التراب. وأهبط إلى الأرض آدم وحوّاء
__________________
(١) ولعلّه من حيث افتتن آدم بحوّاء فغرّته بتسويلها ، حسبما جاءت في الروايات. وهكذا سائر بني آدم بعضهم لبعض عدوّ.
(٢) إنّما كانت الأرض مستقرّ بني الإنسان لا الملك ولا الجنّ.
(٣) هذا التبشير والإنذار إنّما توجّه إلى بنى الإنسان وحدهم لا إبليس وذرّيّته.
(٤) راجع كتابنا : «شبهات وردود» (الجزء السابع من التمهيد : ٤٢٧ ـ ٤٣٢).
(٥) الدرّ ١ : ١٣٤ ؛ الطبري ١ : ٣٤٤ / ٦٣٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٨٩ و ٩٠ / ٣٩٨ و ٣٩٩ و ٤٠٣ ؛ القرطبي ١ : ٣١٩.
(٦) الدرّ ١ : ١٣٤ ؛ الطبري ١ : ٣٤٣ / ٦٣٣ ، بلفظ : «قال : آدم وإبليس والحيّة. وفي رواية بلفظ : آدم وإبليس والحيّة ذرّيّة بعضهم أعداء بعض» ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٠٤ ، رقم ٥٧٨.
(٧) الطبري ١ : ٣٤٣ / بعد حديث ٦٣٣.