قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)
وبعد ، فحيث ندم آدم على ما فرط منه في جنب الله وأدركته فطرته الزاهية ليؤوب ويثوب إلى حظيرة الأمن الالهي الشامل ولتسعه ولاية الله الكافلة لإخراجه من الظلمات الّتي عرضت مسيرته لحظات فإلى النور الّذي ملأ الآفاق. وكانت ترافقه عبر الآنات وفي ذمّة الخلود. فأدركته الرحمة وشملته العناية الفائضة ، وتلقّت توبته بالقبول :
(فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) فقد تمّت كلمة الله الأخيرة ، وعهده الدائم مع آدم وذرّيّته ، عهد الاستخلاف في هذه الأرض وشرط الفلاح فيها أو البوار :
(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
فقد انتقلت المعركة الخالدة إلى ميدانها الأصيل ، وانطلقت من عقالها ، لا تهدأ لحظة ولا تفتر! وقد عرف الإنسان في فجر البشريّة كيف ينتصر إذا شاء الانتصار ، وكيف ينكسر إذا اختار لنفسه الخسار ...
وقد تقدّم ـ في كلام سيّد قطب ـ طرف من إيحاءات تعطيها هذه القصّة قصّة البشريّة الأولى ، ولتكون تجربة عنيفة في إبّان خوضه لمعركة الحياة فتكون عبرة نافعة له ولبنيه عبر الخلود ، إمّا سعادة رابحة أو شقاء خاسر والعياذ بالله.
وإليك في ذلك روايات عن السلف :