[٢ / ١٤٤٠] وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحّاك عن ابن عبّاس : أنّ آدم طلب التوبة مائتي سنة حتّى آتاه الله الكلمات ، ولقّنه إيّاها قال : بينا آدم جالس يبكي ، واضعا راحته على جبينه إذ أتاه جبريل فسلّم عليه ، فبكى آدم وبكى جبريل لبكائه فقال له : يا آدم ما هذه البليّة الّتي أجحف بك بلاؤها وشقاؤها وما هذا البكاء؟ قال : يا جبريل وكيف لا أبكي وقد حوّلني ربّي من ملكوت السماوات إلى هوان الأرض ، ومن دار المقام إلى دار الظعن والزوال ، ومن دار النعمة إلى دار البؤس والشقاء ، ومن دار الخلد إلى دار الفناء؟ كيف أجتاز يا جبريل هذه المصيبة؟ فانطلق جبريل إلى ربّه فأخبره بمقالة آدم! فقال الله ـ عزوجل ـ : انطلق يا جبريل إلى آدم فقل : ... يا آدم قد سبقت رحمتي غضبي ، قد سمعت صوتك وتضرّعك ، ورحمت بكاءك ، وأقلت عثرتك ، فقل : لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسى فاغفر لي ذنوبي ، إنّك أنت خير الغافرين ، لا إله إلّا أنت ، سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنّك أنت خير الراحمين. لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي. فتب عليّ إنّك أنت التوّاب الرحيم. فذلك قوله : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ ...) الآية (١).
[٢ / ١٤٤١] وأخرج الطبراني عن أبي برزة الأسلمي قال : إنّ آدم لما طؤطىء منع كلام الملائكة ـ وكان يستأنس بكلامهم ـ بكى على الجنّة مائة سنة فقال الله ـ عزوجل ـ له : يا آدم ما يحزنك؟ قال :
كيف لا أحزن وقد أهبطتني من الجنّة ولا أدري أعود إليها أم لا؟ فقال الله تعالى : يا آدم قل : اللهمّ لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك ، سبحانك وبحمدك. ربّ إنّي عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنّك أنت خير الغافرين. اللهمّ لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك سبحانك وبحمدك. ربّ إنّي عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنّك أنت أرحم الراحمين. اللهمّ لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك لا شريك لك ، ربّ عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنّك أنت التوّاب الرحيم. قال : فهي الكلمات الّتي أنزل الله على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). قال : وهي لولده من بعده.
قال : وقال آدم لابن له يقال له هبة الله ، ويسمّيه أهل التوراة وأهل الإنجيل شيث : تعبّد لربّك واسأله أيردّني إلى الجنّة أم لا؟ فتعبّد لله وسأل. فأوحى الله إليه : إنّي رادّه إلى الجنّة! فقال : أي ربّ
__________________
(١) الدرّ ١ : ١٤٥ ـ ١٤٦ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٣٥ ـ ٤٣٦ ، رقم ٥٧٨.