[٢ / ١٥٦٢] وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) قال : أمرهم أن يركعوا مع أمّة محمّد يقول : كونوا منهم ومعهم (١).
[٢ / ١٥٦٣] وعن مجاهد في قوله : (وَارْكَعُوا) قال : صلّوا (٢).
قال الطبرسي : وقوله : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) إنّما خصّ الركوع بالذكر ، وهو من أفعال الصلاة ، بعد قوله (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) لأحد وجوه :
[٢ / ١٥٦٤] منها ما ذكره أبو مسلم وهو أنّه عبّر بالركوع كناية عن الصلاة ؛ وذلك لأنّ الركوع أوّل ما يشاهد من الأفعال الّتي يستدلّ بها على أنّ الإنسان يصلّي ، فكأنّه كرّر ذكر الصلاة تأكيدا (٣).
قوله تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)
[٢ / ١٥٦٥] روي عن الصادق عليهالسلام قال : «من لم ينسلخ من هواجسه (٤) ولم يتخلّص من آفات نفسه وشهواتها ، ولم يهزم الشيطان ، ولم يدخل في كنف الله تعالى وتوحيده وأمان عصمته ، لا يصلح له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأنّه إذا لم يكن بهذه الصفة فكلّما أظهر أمرا يكون حجّة عليه ، ولا ينتفع الناس به ، قال الله تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) ويقال له : يا خائن ، أتطالب خلقي بما خنت به نفسك ، وأرخيت عنه عنانك؟!». (٥)
[٢ / ١٥٦٦] وقال عليّ بن إبراهيم : وقوله : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) قال نزلت في الخطباء والقصّاص ، وهو قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «وعلى كلّ منبر منهم خطيب مصقع (٦) يكذب على الله وعلى رسوله وعلى كتابه» (٧).
[٢ / ١٥٦٧] وروى الكليني بإسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ)(٨) قال : «يا أبا بصير ، هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثمّ خالفوه إلى
__________________
(١) الدرّ ١ : ١٥٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٠٠ / ٤٧١.
(٢) الدرّ ١ : ١٥٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٠٠ / ٤٧٠.
(٣) مجمع البيان ١ : ١٩٠.
(٤) الهواجس ما وقع في الخلد من أوهام. جمع هاجس.
(٥) نور الثقلين ١ : ٧٥ ؛ مصباح الشريعة : ١٨ ؛ البحار ٦٩ : ٢٢٣.
(٦) المصقع : الخطيب المفوّه. البليغ. العالي الصوت. من لا يرتجّ عليه في كلام. يقال : خطيب مصقع.
(٧) نور الثقلين ١ : ٧٥ ؛ القمي ١ : ٤٦ ؛ البحار ٦٩ : ٢٢٣ ؛ البرهان ١ : ٢٠٩ / ٤.
(٨) الشعراء ٢٦ : ٩٤.