قوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ)
[٢ / ١٦٦٩] قال عليّ بن إبراهيم : الظنّ في كتاب الله على وجهين ، فمنه ظنّ يقين ومنه ظنّ شكّ ، ففي هذا الموضع الظنّ يقين ، وإنّما الشك قوله تعالى : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)(١) ، (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ)(٢). (٣)
قلت : تقدّم كلام ابن سيده : الظنّ ، شكّ ويقين ، إلّا أنّه ليس بيقين عيان ، وإنّما هو يقين تدبّر. فأمّا يقين العيان فلا يقال فيه إلّا العلم (٤).
[٢ / ١٦٧٠] وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) قال : لأنّهم لم يعاينوا فكان ظنّهم يقينا ، وليس ظنّا في شك ، وقرأ (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ)(٥). (٦)
[٢ / ١٦٧١] وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كلّ ظنّ في القرآن فهو يقين. وفي موضع آخر : كلّ ظنّ في القرآن فهو علم (٧).
[٢ / ١٦٧٢] وذكر القرطبي الحديث ناسبا له إلى الضحّاك قال : كلّ ظنّ في القرآن من المؤمن فهو يقين ، ومن الكافر فهو شكّ (٨).
[٢ / ١٦٧٣] وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ما كان من ظنّ الآخرة فهو علم (٩).
[٢ / ١٦٧٤] وعن أبي العالية في قوله : (يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) قال : إنّ الظنّ هاهنا اليقين (١٠).
[٢ / ١٦٧٥] وعن السدّي : قال : أمّا يظنّون فيستيقنون (١١).
__________________
(١) الجاثية ٤٥ : ٣٢.
(٢) الفتح ٤٨ : ١٢.
(٣) البرهان ١ : ٢١١ / ١١ ؛ القمي ١ : ٤٦ ؛ البحار ٧ : ٤٤ / ٢٣.
(٤) المحكم لابن سيده ١٠ : ٨ ؛ لسان العرب ١٣ : ٢٧٢.
(٥) الحاقّة ٦٩ : ٢٠.
(٦) الطبري ١ : ٣٧٤ / ٧٢٥.
(٧) الدرّ ١ : ١٦٤ ؛ الطبري ١ : ٣٧٤ / ٧٢٢ ؛ ابن كثير ١ : ٩٢.
(٨) القرطبي ١٨ : ٢٧٠.
(٩) الدرّ ١ : ١٦٤ ؛ الطبري ١٤ : ٧٥ / ٢٦٩٨٢ ، سورة الحاقة ، الآية ٢٠.
(١٠) الطبري ١ : ٣٧٤ / ٧٢١ ؛ ابن كثير ١ : ٩٢ ، وزاد ابن كثير بقوله : قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد والسدّي والربيع بن أنس وقتادة نحو قول أبي العالية ؛ التبيان ١ : ٢٠٥ ؛ بلفظ : قال الحسن وأبو العالية ومجاهد وابن جريج : «يظنّون» أي «يوقنون» ؛ مجمع البيان ١ : ١٩٧ ، نقلا عن الحسن ومجاهد.
(١١) الطبري ١ : ٣٧٤ / ٧٢٣.