أنظر إلى أهل الجنّة يتزاورون في الجنّة وكأنّي أسمع عواء أهل النّار في النّار ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عبد نوّر الله قلبه ، أبصرت فاثبت ، فقال : يا رسول الله ادع الله لي أن يرزقني الشّهادة معك ، فقال : اللهمّ ارزق حارثة الشّهادة ، فلم يلبث إلّا أيّاما حتّى بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سريّة فبعثه فيها ، فقاتل فقتل تسعة ـ أو ثمانية ـ ثمّ قتل».
وفي رواية القاسم بن بريد ، عن أبي بصير قال : استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر وكان هو العاشر (١).
[٢ / ١٧٣] وبإسناده عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : «إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نورا» (٢).
صفة الإيمان
[٢ / ١٧٤] وروى بالإسناد إلى جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سئل أمير المؤمنين عليهالسلام عن الإيمان ، فقال : «إنّ الله عزوجل جعل الإيمان على أربع دعائم : على الصبر واليقين والعدل والجهاد ، فالصبر من ذلك على أربع شعب : على الشوق والإشفاق والزّهد والترقّب ، فمن اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرّمات ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات ومن راقب الموت سارع إلى الخيرات ؛ واليقين على أربع شعب : تبصرة الفطنة وتأوّل الحكمة (٣) ومعرفة العبرة وسنّة الأوّلين. فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة ومن تأوّل الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة عرف السنّة ومن عرف السنّة فكأنّما كان مع الأوّلين واهتدى إلى الّتي هي أقوم ونظر إلى من نجى بما نجى ، ومن هلك بما هلك. وإنّما أهلك الله من أهلك بمعصيته وأنجى من أنجى بطاعته ؛ والعدل على أربع شعب : غامض الفهم وغمر العلم وزهرة الحكم وروضة الحلم. فمن فهم فسّر جميع العلم ومن علم عرف شرائع الحكم ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا ؛ والجهاد على أربع شعب : على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن
__________________
(١) المصدر ٢ : ٥٤ / ٣.
(٢) المصدر / ٤.
(٣) تأوّل الحكمة تأويلها أي جعلها مكشوفة بالتدّبر فيها.