فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا.
[٢ / ٢٠٢٧] وعن إسماعيل بن عبد الكريم ، قال : حدّثني عبد الصمد ، قال : سمعت وهبا يقول : إنّ بني إسرائيل لمّا حرّم الله عليهم أن يدخلوا الأرض المقدّسة أربعين سنة يتيهون في الأرض شكوا إلى موسى ، فقالوا : ما نأكل؟ فقال : إنّ الله سيأتيكم بما تأكلون. قالوا : من أين لنا إلّا أن يمطر علينا خبزا؟ قال : إنّ الله ـ عزوجل ـ سينزل عليكم خبزا مخبوزا. فكان ينزل عليهم المنّ. ـ سئل وهب : ما المنّ؟ قال : خبز الرقاق مثل الذرّة أو مثل النّقي (١) ـ قالوا : وما نأتدم ، وهل بدّلنا من لحم؟ قال : فإنّ الله يأتيكم به. فقالوا. من أين لنا إلّا أن تأتينا به الريح؟ قال : فإنّ الريح تأتيكم به ، وكانت الريح تأتيهم بالسلوى ـ فسئل وهب : ما السلوى؟ قال : طير سمين مثل الحمام كانت تأتيهم فيأخذون منه من السبت إلى السبت ـ قالوا : فما نلبس؟ قال : لا يخلق لأحد منكم ثوب أربعين سنة. قالوا : فما نحتذي؟ قال : لا ينقطع لأحدكم شسع (٢) أربعين سنة ، قالوا : فإنّ فينا أولادا فما نكسوهم؟ قال : ثوب الصغير يشبّ معه. قالوا : فمن أين لنا الماء؟ قال : يأتيكم به الله. قالوا : فمن أين؟ إلّا أن يخرج لنا من الحجر. فأمر الله ـ تبارك وتعالى ـ موسى أن يضرب بعصاه الحجر. قالوا : فبم نبصر؟ تغشّانا الظلمة. فضرب لهم عمود من نور في وسط عسكرهم أضاء عسكرهم كلّه ، قالوا : فبم نستظل؟ فإنّ الشمس علينا شديدة قال : يظلّكم الله بالغمام.
[٢ / ٢٠٢٨] وعن حجّاج ، قال : قال ابن جريج ، قال : عبد الله بن عبّاس : خلق لهم في التيه ثياب لا تخلق ولا تدرن (٣). قال : وقال ابن جريج : إن أخذ الرجل من المنّ والسلوى فوق طعام يوم فسد ، إلّا أنّهم كانوا يأخذون في يوم الجمعة طعام يوم السبت فلا يصبح فاسدا (٤).
***
وقال في تأويل قوله تعالى : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ :)
وهذا ممّا استغني بدلالة ظاهره على ما ترك منه ، وذلك أنّ تأويل الآية : وظلّلنا عليكم الغمام ، وأنزلنا عليكم المنّ والسلوى ، وقلنا لكم : كلوا من طيّبات ما رزقناكم فترك ذكر قوله : «وقلنا لكم ...» لما بيّنّا من دلالة الظاهر في الخطاب عليه.
__________________
(١) النّقي : مخّ العظم.
(٢) الشسع : أحد سيور النعل الذي يدخل بين الأصبعين.
(٣) تدرن : تلطّخ بالوسخ.
(٤) الطبري ١ : ٤٢٢ ـ ٤٢٥.