كلام في تأويل الحطّة
وأنّ أولياء الله هم الذرائع لغفران الذنوب وبلوغ المآرب
قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(١).
أي تحرّوا ما يوصلكم إلى قربه تعالى. قال الراغب : الوسيلة أخصّ من الوصيلة ، لتضمّنها لمعنى الرغبة. والواسل : الراغب.
قال تعالى ـ بشأن الأنبياء ومن تبعهم من المؤمنين حقّا ـ : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً)(٢). أي يتحرّون أقرب الوسائل إليه تعالى!
وأقرب الوسائل إلى الله تعالى ـ بعد الطاعة والعمل الصالح ـ هو التزلّف لدى نبيّ الرحمة صاحب اللّواء والشّفاعة والوسيلة الناجحة.
كما جاء التصريح بذكره صلىاللهعليهوآلهوسلم في القرآن وأنّه الوسيلة الناجحة.
قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً)(٣).
أي جاؤوك يبتغون الوسيلة فيك. فكان اقتران استغفاره صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم ، لاستغفارهم تضامنا لغفرانه تعالى وشمول رحمته لهم جميعا.
وهكذا فهم المسلمون منذ أوّل يومهم أنّ أفضل وسيلة مقرّبة إلى الله هو التوسّل بباب الرحمة نبيّ الإسلام ، الشافع المشفّع.
قال سواد بن قارب عند مقدمه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
فأشهد أنّ الله لا ربّ غيره |
|
وأنّك مأمون على كلّ غائب |
وأنّك أدنى المرسلين وسيلة |
|
إلى الله يا ابن الأكرمين الأطائب |
فمرنا بما يأتيك من وحي ربّنا |
|
وإن كان فيما جئت شيب الذوائب |
__________________
(١) المائدة ٥ : ٣٥.
(٢) الإسراء ١٧ : ٥٧.
(٣) النساء ٤ : ٦٤.