وبعد فإذ كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بشخصه الكريم من أكبر الوسائل إلى الله في الابتهال إليه والمسائلة لديه ، ولطلب الحطّ والاستغفار من الذنوب ، فلا غرو أن يكون ذووه من آله الأطهار خلفاءه من بعده لنجح حوائج الأمّة مدى الأيّام ، كما فهمه عمر بن الخطّاب فيما توسّل بعمّ النبيّ بدلا عمّا كانوا يستسقون بالنبيّ الكريم (١).
ودليلا على صحّة هذا الفهم ، ابتهال النبيّ نفسه صلىاللهعليهوآلهوسلم بآله الأطيبين في حديث المباهلة ، خرج بعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام قائلا : اللهمّ هؤلاء أهلي ـ كما رواه مسلم وغيره (٢) ـ أراد أن يباهل بهم وفد نجران ، لو لا أنّهم تداركوا الأمر وأذعنوا لقبول الجزية (٣).
[٢ / ٢١٢٤] فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «والذي نفسي بيده لو لا عنوا لمسخوا ولاضطرم عليهم الوادي نارا» (٤).
***
ولعلّ قائلا يقول : هلّا كان ينبغي لعمر بن الخطّاب أن يبتهل إلى الله بمن ابتهل بهم النبي نفسه ، وهم البقيّة الباقية من آل الرسول. (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ)(٥)؟!
الأمر الذي نبّه عليه الذرّيّة الطيّبة من آله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكما جاء في كلام الرسول منوّها بهم عليهمالسلام.
[٢ / ٢١٢٥] روى أبو جعفر الصدوق بإسناده إلى الحسين بن خالد عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام عن آبائه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لكلّ أمّة صدّيق وفاروق ، وصدّيق هذه الأمّة وفاروقها عليّ بن أبي طالب. إنّ عليّا سفينة نجاتها وباب حطّتها» (٦).
[٢ / ٢١٢٦] وروى في باب مناقب عليّ عليهالسلام وتعدادها بالإسناد إلى مكحول ، قال : قال عليّ عليهالسلام : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لي : «مثلك في أمّتي مثل باب حطّة في بني إسرائيل ، فمن دخل في
__________________
(١) فيما تقدّم من كلامه : «اللهمّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا فتسقينا ، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا ، فاسقنا» (البخاري ١ : ٣٤).
(٢) مسلم ٧ : ١٢١ ـ ١٢٢ ، باب فضائل الصحابة ، باب فضل علي عليهالسلام ؛ مسند أحمد ١ : ١٨٥ ؛ الحاكم ٣ : ١٥٠ ، قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ؛ الترمذي ٤ : ٢٤٣ / ٤٠٨٥ كتاب المناقب ، باب ٢١ مناقب عليّ عليهالسلام.
(٣) قال أسقف نجران : يا معشر النصارى إنّي لأرى وجوها لو شاء الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها ، فلا تبتهلوا فتهلكوا .. (الكشّاف للزمخشري ١ : ٣٦٨ ـ ٣٦٩).
(٤) الكشّاف ١ : ٣٦٩.
(٥) هود ١١ : ٨٦.
(٦) العيون ٢ : ١٦ / ٣٠ ، باب ٣٠ ؛ البحار ٣٨ : ١١٢ / ٤٧.