نائلة إن شاء الله منهم من لا يشرك بالله شيئا» (١).
فقد تبيّن بذلك أنّ الله ـ جل ثناؤه ـ قد يصفح لعباده المؤمنين بشفاعة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم عن كثير من عقوبة إجرامهم بينه وبينهم ، وأنّ قوله : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) إنّما هي لمن مات على كفره غير تائب إلى الله ـ عزوجل ـ وليس هذا من مواضع الإطالة في القول في الشفاعة والوعد والوعيد ، فنستقصي الحجاج في ذلك ، وسنأتي على ما فيه الكفاية في مواضعه إن شاء الله تعالى (٢).
وسوف في نهاية تفسير الآية نتعرّض لمسألة الشفاعة والنظر في أطرافها بما يتناسب وضرورة البحث هنا ، نظرا لشبهات أثيرت حولها من الأجانب وبعض المنتحلين للإسلام بصورة شكليّة ، فيتصوّرون من مسألة الشفاعة ما تعارفته أوساطهم العامّيّة من المحاباة في الدين والمداهنة مع الآثمين.
كلّا ، إنّها ابتغاء الوسيلة إليه ـ سبحانه ـ شفعا لما يقدّمه العبد التائب إلى الله من حسنات وتوبة واستغفار.
قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً)(٣).
هذه هي الشفاعة المقبولة المأذون فيها ، فلا ييأس عبد تائب آئب إلى الله لتشمله رحمة الله الواسعة .. (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ)(٤). وسوف توافيك بقيّة الكلام.
قوله تعالى : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ)
قال أبو جعفر : والعدل في كلام العرب بفتح العين : الفدية. كما :
[٢ / ١٧٠٦] عن أبي العالية في قوله : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) قال : يعني فداء.
[٢ / ١٧٠٧] وعن السدّي قال : أمّا عدل فيعدلها من العدل ، يقول : لو جاءت بملء الأرض ذهبا تفتدي به ما تقبل منها.
__________________
(١) مسند أحمد ٤ : ٤١٦ ؛ أبو يعلى ٤ : ٢١٥ ، كنز العمّال ١٤ : ٣٩١ / ٣٩٠٤٦ ، كلّهم بتفاوت.
(٢) الطبري ١ : ٣٧٩ ـ ٣٨٣.
(٣) النساء ٤ : ٦٤.
(٤) يوسف ١٢ : ٨٧.