[٢ / ٢٢٩٨] وعن السدّي في قوله : (بِقُوَّةٍ) قال : يعني بجدّ واجتهاد.
[٢ / ٢٢٩٩] وعن ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قول الله : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) قال : خذوا الكتاب الذي جاء به موسى بصدق وبحقّ.
فتأويل الآية إذن : خذوا ما افترضناه عليكم في كتابنا من الفرائض فاقبلوه واعملوا باجتهاد منكم في أدائه من غير تقصير ولا توان. وذلك هو معنى أخذهم إيّاه بقوّة بجدّ.
***
وقال في تأويل قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) :
يعني : واذكروا ما فيما آتيناكم من كتابنا من وعد ووعيد شديد وترغيب وترهيب ، فاتلوه واعتبروا به وتدبّروه إذا فعلتم ذلك كي تتّقوا وتخافوا عقابي بإصراركم على ضلالكم فتنتهوا إلى طاعتي وتنزعوا عمّا أنتم عليه من معصيتي. كما :
[٢ / ٢٣٠٠] عن عكرمة عن ابن عبّاس في قوله : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) قال : تنزعون عمّا أنتم عليه.
والذي آتاهم الله هو التوراة : كما :
[٢ / ٢٣٠١] عن أبي العالية في قوله : (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) يقول : اذكروا ما في التوراة.
[٢ / ٢٣٠٢] وعن ابن وهب ، قال : سألت ابن زيد عن قول الله : (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) قال : اعملوا بما فيه طاعة لله وصدق ، قال : وقال اذكروا ما فيه لا تنسوه ولا تغفلوه.
***
وقال في تأويل قوله تعالى : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) :
يعني بقوله جلّ ثناؤه : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) ثمّ أعرضتم. وإنّما هو «تفعّلتم» من قولهم : ولّاني فلان دبره : إذا استدبر عنه وخلّفه خلف ظهره ، ثمّ يستعمل ذلك في كلّ تارك طاعة أمر بها ـ عزوجل ـ معرض بوجهه ، يقال : قد تولّى فلان عن طاعة فلان ، وتولّى عن مواصلته. ومنه قول الله جلّ ثناؤه : (فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)(١) يعني بذلك : خالفوا ما كانوا وعدوا الله من قولهم : (لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ)(٢) ونبذوا ذلك وراء ظهورهم ، ومن شأن العرب
__________________
(١) التوبة ٩ : ٧٦.
(٢) التوبة ٩ : ٧٥.