قال تعالى :
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠) قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (٧١) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣))
إنّ هذه القصّة القصيرة ترسم سمة اللجاجة والتعنّت والتلكّؤ في الاستجابة ، وتمحّل المعاذير ، التي تتّسم بها إسرائيل.
وفي هذه القصّة ـ كما يعرضها السياق القرآني ـ مجال للنظر في جوانب شتّى : جانب دلالتها على طبيعة بني إسرائيل وجبلّتهم الموروثة. وجانب دلالتها على قدرة الخالق وحقيقة البعث والنشور. وطبيعة الموت والحياة. ثمّ الجانب الفنّي في عرض القصّة بدءا ونهاية واتّساقا مع السياق.
إنّ السمات الرئيسيّة لطبيعة بني إسرائيل تبدو واضحة في قصّة البقرة هذه : انقطاع الصلة بين قلوبهم الجافية ، وذلك النبع الشفيف الرقراق : نبع الإيمان الصادق بالغيب والثقة بالله. والاستعداد لتصديق ما يأتيهم به الرسل. ثمّ التلكّؤ في الاستجابة وتلمّس الحجج والمعاذير ، والسخريّة المنبعثة من صفاقة القلب وصلافة اللسان!
وهذه القصّة ـ كما هي ـ تلمح بموقف بني إسرائيل المتعنّت ، يبدو عليها قلّة توقيرهم لنبيّ الله