إسرائيل قتل قرابة له ، ثمّ أخذه فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل ثمّ جاء يطلب بدمه. فقالوا لموسى عليهالسلام : إنّ آل فلان قتلوا فلانا فأخبرنا من قتله؟ قال : ائتونى ببقرة (قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) ولو أنّهم عمدوا إلى أيّ بقرة أجزأتهم ، ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) يعني لا صغيرة ولا كبيرة (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) ولو أنّهم عمدوا إلى أيّ بقرة أجزأتهم ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) ولو أنّهم عمدوا إلى أيّ بقرة لأجزأتهم ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ. قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل فقال : لا أبيعها إلّا بملاء مسكها ذهبا فجاؤوا إلى موسى عليهالسلام فقالوا له ذلك ، فقال : اشتروها ، فاشتروها وجاؤوا بها ، فأمر بذبحها ثمّ أمر أن يضرب الميّت بذنبها ، فلمّا فعلوا ذلك حيي المقتول ، وقال : يا رسول الله إنّ ابن عمّي قتلني دون من يدّعي عليه قتلي ، فعلموا بذلك قاتله ، فقال موسى عليهالسلام لبعض أصحابه : إنّ هذه البقرة لها نبأ! فقال : وما هو؟ قال : إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّا بأبيه وإنّه اشترى سلعة فجاء إلى أبيه والأقاليد تحت رأسه فكره أن يوقظه فترك ذلك البيع ، فاستيقظ أبوه فأخبره ، فقال له : أحسنت ، خذ هذه البقرة فهو لك عوضا لما فاتك ، ثمّ قال موسى عليهالسلام : انظروا إلى البرّ ماذا يبلغ بأهله!» (١)
التشديد في التكليف عقوبة
قد تكرّر في قصّة ذبح البقرة : أنّ بني إسرائيل شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم ، ولو أنّهم لأوّل مرّة عمدوا إلى أيّة بقرة فذبحوها لأجزأت وسقط التكليف عنهم غير أنّهم تمحّلوا في السؤال والتنقيب حتّى تورّطوا في عسر التكليف الأمر الذي هم جلبوه على أنفسهم.
__________________
(١) العيون ٢ : ١٦ ـ ١٧ / ٣١ ، باب ٣٠ ؛ العيّاشي ١ : ٦٤ ـ ٦٥ / ٥٧ ؛ البحار ١٣ : ٢٦٢ ـ ٢٦٣ / ٢ ، باب ٩ ؛ نور الثقلين ١ : ٨٧ ـ ٨٨ ؛ البرهان ١ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ / ٢. وقريب منه ما رواه القمّي في التفسير ١ : ٤٩. وهكذا في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري : ٢٧٣.