في النار ، واحتجّوا بقوله تعالى : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ)(١) وأمثاله وهي في الكفّار ، وأمّا تأويلهم أحاديث الشفاعة بكونها في زيادة الدرجات فباطل ، وألفاظ الأحاديث في الكتاب وغيره صريحة في بطلان مذهبهم ، وإخراج من استوجب النار.
لكنّ الشفاعة خمسة أقسام : أوّلها مختصّة بنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو الإراحة من هول الموقف وتعجيل الحساب.
الثانية : في إدخال قوم الجنّة بغير حساب ، وهذه أيضا وردت لنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الثالثة : الشفاعة لقوم استوجبوا النار فيشفع فيهم نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن يشاء الله.
الرابعة : فيمن دخل النّار من المؤمنين ، وقد جاءت الأحاديث بإخراجهم من النار بشفاعة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم والملائكة وإخوانهم من المؤمنين ، ثمّ يخرج الله تعالى كلّ من قال : لا إله إلّا الله كما جاء في الحديث : لا يبقى فيها إلّا الكافرون.
الخامسة : الشفاعة في زيادة الدرجات في الجنّة لأهلها ، وهذه لا ينكرها المعتزلة ولا ينكرون أيضا شفاعة الحشر الأولى (٢).
آيات الشفاعة
منها المصرّحة بلفظ الشفاعة ـ على مختلف تصاريفها ـ وهي الأكثر. ومنها ما نوّهت عنها محضا.
ومن هذا الأخير قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً)(٣). والمقام المحمود الموعود بها هو مقام الشفاعة تشرّف به نبيّنا العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك اليوم الرهيب.
__________________
(١) المدّثر ٧٤ : ٤٨.
(٢) شرح صحيح مسلم ، النووي ٣ : ٣٥ ـ ٣٦. وراجع صحيح مسلم أيضا ١ : ١١٧ ، باب إثبات الشفاعة ، وكتاب الشفا ، القاضي عياض ١ : ١٧٦ ـ ١٨٤. (ط : تركيا سنة ١٣٢٤ ه ق) وشرحه لملّا علي القاري ١ : ٢٦٢ ـ ٢٧١. (ط : تركيا ـ المطبعة العامرة ١٢٨٥ ه. ق) سنه.
(٣) الإسراء ١٧ : ٧٩.