ولمّا بعث الله محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم من العرب وآمنت به الأنصار ، رفضت اليهود أن يؤمنوا به وكفرت به ، وذلك قوله تعالى : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) أي لم يكونوا على شريعة التوحيد (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا) أي أتاهم الذي عرفوه أنّه النبيّ الحقّ (كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ»)(١).
وهكذا حكى ابن النّجار عن بعض العلماء في سبب نزوع اليهود إلى أرض يثرب ونزولهم بتيماء وما والاها ، بغية لقاء نبيّ آخر الزمان على ما ذكره السمهودي في تاريخ المدينة. (٢)
[٢ / ٢٦٩٨] وفي التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ذمّ الله تعالى اليهود فقال : (وَلَمَّا جاءَهُمْ) يعني هؤلاء اليهود ـ الّذين تقدّم ذكرهم ـ وإخوانهم من اليهود ، جاءهم (كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) القرآن (مُصَدِّقٌ) ذلك الكتاب (لِما مَعَهُمْ) من التوراة التي بيّن فيها أنّ محمّدا الأمّي من ولد إسماعيل ، (وَكانُوا) يعني هؤلاء اليهود (مِنْ قَبْلُ) ظهور محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرسالة (يَسْتَفْتِحُونَ) يسألون الله الفتح والظفر (عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) من أعدائهم والمناوين لهم ، فكان الله يفتح لهم وينصرهم. قال الله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ) جاء هؤلاء اليهود (ما عَرَفُوا) من نعت محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (كَفَرُوا بِهِ) وجحدوا نبوّته حسدا له وبغيا عليه. قال الله عزوجل : (فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ). (٣)
قوله تعالى : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ)
[٢ / ٢٦٩٩] أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ...) الآية. قال : هم اليهود كفروا بما أنزل الله وبمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بغيا وحسدا للعرب (فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) قال : غضب الله عليهم مرّتين بكفرهم بالإنجيل وبعيسى ، وبكفرهم بالقرآن وبمحمّد. (٤)
__________________
(١) الكافي ٨ : ٣٠٨ ـ ٣١٠ / ٤٨١. نقلا باختزال وتوضيح يسير. العياشي ١ : ٦٨ ـ ٦٩ / ٦٩ ؛ البحار ١٥ : ٢٢٥ ـ ٢٢٧ / ٤٩. وللمجلسي في شرحه على الكافي (مرآة العقول ٢٦ : ٤٠٣ ـ ٤٠٦ / ٤٨١). شرح ضاف بعد توثيقه للإسناد.
(٢) راجع : وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ١ : ١٦٠.
(٣) تفسير الإمام عليهالسلام : ٣٩٣ / ٢٦٨ ؛ البرهان ١ : ٢٧٤ / ١ ؛ البحار ٩ : ١٨١ ـ ١٨٢ / ٩ ، باب ما ورد عن المعصومين عليهمالسلام في تفسير الآيات ؛ و ٩١ : ١٠ / ١١ ، باب ٢٨.
(٤) الدرّ ١ : ٢١٨ ؛ الطبري ١ : ٥٨٥ و ٥٨٧ / ١٢٧٢ ، ١٢٨٠ و ١٢٧٣ عن أبي العالية و ١٢٧٤ عن الربيع ، باختلاف يسير في الألفاظ ؛ الثعلبي ١ : ٢٣٥ ، عن قتادة وأبي العالية.