قال الفرّاء : قوله : (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ ...) يريد : سواه. وذلك كثير في العربيّة أن يتكلّم الرجل بالكلام الحسن ، فيقول السامع : ليس وراء هذا الكلام شيء ، أي ليس عنده شيء سواه. (١)
قوله تعالى : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ)
[٢ / ٢٧١٧] قال مقاتل بن سليمان : (قُلْ) لهم يا محمّد : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ) وذلك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا اليهود إلى الإيمان فقالوا للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : آتنا بالآيات والقربان كما كانت الأنبياء تجيء بها إلى قومهم. يقول الله ـ سبحانه ـ فقد كانت الأنبياء تجيء إلى آبائهم فكانوا يقتلونهم فقال الله ـ عزوجل ـ قل يا محمّد : فلم تقتلون أنبياء الله من قبل. يقول فلم قتلتم أنبياء الله (مِنْ قَبْلُ) يعني آباءهم وقد جاؤوا بالآيات والقربان. (٢)
***
[٢ / ٢٧١٨] وأخرج أبو جعفر بالإسناد إلى أسباط عن السدّي قال : قال الله تعالى ـ وهو يعيّر اليهود ـ : (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
قال أبو جعفر : فإن قال قائل : وكيف قيل لهم ذلك بلفظ المستقبل ، ثمّ أخبر أنّه قد مضى؟
قيل : إنّ أهل العربيّة مختلفون في تأويل ذلك ، فقال بعض البصريّين : معنى ذلك : فلم قتلتم كما قال تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ ...)(٣) أي ما تلت. وكما قال الشاعر :
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني |
|
فمضيت عنه وقلت لا يعنيني |
يريد بقوله : ولقد أمرّ ولقد مررت واستدلّ بقوله : فمضيت ، ولم يقل فأمضى وزعم أنّ فعل ويفعل قد يشتركان في معنى واحد. واستشهد بقول الشاعر :
وإنّي لآتيكم بشكري ما مضى |
|
من الأمر واستيجاب ما كان في غد |
يريد : ما يكون في غد.
__________________
(١) معاني القرآن ١ : ٦٠.
(٢) تفسير مقاتل ١ : ١٢٣.
(٣) البقرة ٢ : ١٠٢.