وبقول الحطيئة :
شهد الحطيئة يوم يلقى ربّه |
|
أنّ الوليد أحقّ بالعذر |
يعني : يشهد.
وقال بعض نحويّي الكوفيّين : إنّما قيل : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ) فخاطبهم بالمستقبل ومعناه الماضي ، كما يعنّف الرجل على ما سلف منه بلفظ المستقبل ، فيقال له : ويحك ، لم تكذب ولم تبغض نفسك إلى الناس؟! كما قال الشاعر :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة |
|
ولم تجدي من أن تقرّي به بدّا |
قال : وليس الّذين خوطبوا هم القتلة ، إنّما هم أسلافهم الّذين مضوا ، وهؤلاء رضوا بما فعل أسلافهم ، فنسب القتل إليهم.
قال أبو جعفر : والصواب فيه من القول عندنا : أنّ الله خاطب من عاصر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما سلف من أسلافهم ، وأضاف ذلك إلى المخاطبين ، نظير قول العرب بعضها لبعض : فعلنا بكم يوم كذا وكذا ، وفعلتم بنا يوم كذا وكذا .. يعنون بذلك ما فعل أسلافهم.
وهكذا قوله تعالى يعني : قل فلم قتل أسلافكم الأنبياء من قبل وهذا خبر عن فعل سلفهم قبل اليوم .. وإنّما عيّر المعاصرون لكونهم متّبعين لأسلافهم وراضين بفعالهم. (١)
[٢ / ٢٧١٩] وروى العيّاشي بالإسناد إلى أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال الله في كتابه يحكي قول اليهود ، (إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ) الآية وقال : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وإنّما نزل هذا في قوم من اليهود وكانوا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقتلوا الأنبياء بأيديهم ، ولا كانوا في زمانهم ، وإنّما قتل أوائلهم الّذين كانوا من قبلهم ، فنزّلوا بهم أولئك القتلة فجعلهم الله منهم وأضاف إليهم فعل أوائلهم بما تبعوهم وتولّوهم. (٢)
[٢ / ٢٧٢٠] وعن ابن عبّاس : كلّما عملت معصية فمن أنكرها برىء منها ، ومن رضي بها كان كمن شهدها. (٣)
__________________
(١) الطبري ١ : ٥٩٠ ـ ٥٩١.
(٢) نور الثقلين ١ : ١٠٢ ؛ العيّاشي ١ : ٦٩ ـ ٧٠ / ٧٢ ؛ البحار ٩٧ : ٩٥ / ٥ ، باب ٢ ؛ البرهان ١ : ٢٨٢ / ٣.
(٣) الوسيط ١ : ١٧٥.