قال تعالى :
(قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٤) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٩٦))
ولعلّها من أخسأ البوادر التي بدرت من اليهود ، منذ أن أطلقوا دعواهم تلك العريضة : إنّهم شعب الله المختار. إنّهم وحدهم هم المهتدون. إنّهم وحدهم هم الفائزون. إنّه ليس لغيرهم من الأمم في الآخرة عند الله نصيب!!
وهذه الدعاوي تتضمّن أنّ المؤمنين برسول الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم غير مهتدين وأن ليس لهم نصيب في الآخرة والهدف الأوّل هو زعزعة ثقة المسلمين بدينهم وبمواعيد رسولهم ومواعيد القرآن ذاته. فأمر الله نبيّه أن يدعو اليهود إلى المباهلة ، ليقف الفريقان ويدعوان الله بهلاك الكاذب منهما. وإليك مع مساق الآيات :
(قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
هنا يأتي حديث المباهلة مع اليهود (١) ، نظير مباهلة نصارى نجران وكما تحدّى القرآن مشركي العرب لو أن يأتوا بحديث مثله.
ومن ثمّ تعقّبه بتقرير أنّهم سوف لا يستجيبون للمباهلة ولن يطلبوا الموت بعد علمهم أنّهم كاذبون وأن لا موضع لهم عند الله في الآخرة.
__________________
(١) حسبما جاء في الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «... فو الذي نفسي بيده لا يقولها رجل منكم إلّا غصّ بريقه فمات مكانه ... فأبوا أن يفعلوا» (الدلائل البيهقي ٦ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥). وفي حديث ابن عبّاس : «دعوا إلى أن يدعوا بالموت على أيّ الفريقين أكذب ، فأبوا ذلك ، ولو تمنّوه يومذاك ، ما بقي على وجه الأرض يهوديّ إلّا هلك.» (الدرّ ١ : ٢٢٠). وسيأتي ذلك في أحاديث الباب.