استخرجوا الكتاب ، فقالوا : إنّ سليمان تملّككم بهذا الكتاب ، به كانت تجيء الريح ، وبه سخّرت الشياطين! فعلّموه الناس ، فأبرأ الله ـ عزوجل ـ منه سليمان (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) فتركت اليهود كتاب الأنبياء واتّبعوا ما تلت الشياطين من السحر. (١)
قوله تعالى : (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ)
اختلفوا في تأويل هذه الآية : كيف تعلّم الناس السحر ممّا أنزل على الملكين؟
[٢ / ٢٨٤٦] فروى ابن جرير بالإسناد إلى السدّي قال : إنّ كلام الملائكة فيما بينهم ، إذا علمته الإنس ، فصنع وعمل به كان سحرا. (٢)
[٢ / ٢٨٤٧] وهكذا قال ابن عبّاس ـ وكذا عن الربيع ـ : إنّ الله لم ينزل السحر عليهما. (٣)
وعليه فقد كان عمل الناس بما تلقّوه من الملكين ، سحرا بسوء تصرّفهم.
وزعم بعضهم أنّ المراد بالملكين هنا هما علجان (٤) من أهل بابل.
[٢ / ٢٨٤٨] كما رواه ابن أبي حاتم بالإسناد إلى الضحّاك ، قال : هما علجان من أهل بابل. (٥)
ومن ثمّ قرأه بعضهم بكسر اللام «الملكين» هما من ملوك بابل وعلوجها. هكذا روي في الشواذّ عن ابن عبّاس والحسن والضحّاك ويحيى بن كثير. (٦) قال البغوي : قرأ ابن عبّاس والحسن «الملكين» بكسر اللام.
[٢ / ٢٨٤٩] وقال ابن عبّاس : هما رجلان ساحران كانا ببابل.
[٢ / ٢٨٥٠] وقال الحسن : علجان. لأنّ الملائكة لا يعلّمون السحر. (٧)
__________________
(١) تفسير مقاتل ١ : ١٢٦ ـ ١٢٧.
(٢) الطبري ١ : ٦٣٤ / ١٣٩٢ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٩٣ / ١٠١٤.
(٣) الطبري ١ : ٦٣٣ / ١٣٨٩ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٨٨ / ٩٩٧.
(٤) العلج : الرجل الضخم من كفّار العجم. وأصله : حمار الوحش السمين القويّ.
(٥) ابن أبي حاتم ١ : ١٨٩ / ١٠٠٢ ؛ ابن كثير ١ : ١٤٢.
(٦) الثعلبي ١ : ٢٤٥ ؛ البغوي ١ : ١٤٨ ؛ القرطبي ٢ : ٥٢ ؛ الروض ٢ : ٨٠ ؛ التبيان ١ : ٣٧٣.
(٧) البغوي ١ : ١٤٨.