فاليوم نسيناها ، وقد أنسانا الله لها.
[٢ / ٢٩٣٨] وروي عن الإمام أبي جعفر الجواد عليهالسلام قال : «قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) أي نرفع حكمها (أَوْ نُنْسِها) بأن نرفع رسمها ونزيل عن القلوب حفظها ، وعن قلبك يا محمّد ، كما قال تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى. إِلَّا ما شاءَ اللهُ)(١) أن ينسيك فرفع ذكره عن قلبك.
(نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) يعنى بخير لكم. فهذه الثانية أعظم لثوابكم وأجلّ لصلاحكم من الآية الأولى المنسوخة. (أَوْ مِثْلِها) في الصلاح لكم أي إنّا لا ننسخ ولا نبدّل إلّا وغرضنا في ذلك مصالحكم.
ثمّ قال : يا محمّد (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فإنّه قدير يقدر على النسخ وغيره ، (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وهو العالم بتدبيرها ومصالحها وهو يدبّركم بعلمه (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) يلي صلاحكم إذ كان العالم بالمصالح هو الله ـ عزوجل ـ دون غيره (وَلا نَصِيرٍ ،) وما لكم من ناصر ينصركم من مكروه إن أراد الله إنزاله بكم أو عقاب إن أراد إحلاله بكم.
وقال الإمام أبو جعفر الباقر عليهالسلام : وربما قدّر عليه النسخ والتنزيل لمصالحكم ومنافعكم لتؤمنوا بها ويتوفّر عليكم الثواب بالتصديق بها ، فهو يفعل من ذلك ما فيه صلاحكم والخيرة لكم.
ثمّ قال : (أَلَمْ تَعْلَمْ) يا محمّد (أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، فهو يملكهما بقدرته ويصلحهما بحسب مشيئته ، لا مقدّم لما أخّر ولا مؤخّر لما قدّم.
ثمّ قال تعالى : (وَما لَكُمْ) يا معشر اليهود والمكذّبين بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم والجاحدين لنسخ الشرائع (مِنْ دُونِ اللهِ) سوى الله تعالى (مِنْ وَلِيٍ) يلي مصالحكم إن لم يل لكم ربّكم المصالح (وَلا نَصِيرٍ) ينصركم من دون الله فيدفع عنكم عذابه». (٢)
كلام عن النسخ في القرآن
للنسخ مصطلحان قديم وحادث ، فقد تعارف السلف على التعبير بالنسخ عن أيّ تغيير في حكم سابق ، تخصيص أو تقييد أو الرفع رأسا.
__________________
(١) الأعلى ٨٧ : ٦ ـ ٧.
(٢) البرهان ١ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣ / ١ ؛ تفسير الإمام : ٤٩١ ـ ٤٩٢ / ٣١١ ؛ البحار ٤ : ١٠٤ / ١٨ ، وفيه : إن لم يدلّكم ربّكم للمصالح.