وفي تفسير الآلوسي : والقول بأنّ ما ذكر إنّما يلزم منه نسخ التلاوة ، فيجوز أن تكون التلاوة منسوخة مع بقاء الحكم ـ كآية الشيخ والشيخه ـ ليس بشيء لأنّ بقاء الحكم بعد نسخ لفظه يحتاج إلى دليل ، وإلّا فالأفضل أنّ نسخ الدالّ يرفع حكمه.
ونقل العريض عن بعضهم : أنّ الحقّ أنّ هذا النوع من النسخ غير جائز ، لأنّ الآثار التي اعتمدوا عليها لا تنهض دليلا لهم ، والآيتان (الرجم والرضاع) لا تسمحان بوجوده إلّا على تكلّف ، ولأنّه يخالف المعقول والمنطق ، ولأنّ مدلول النسخ وشروطه التي اشترطها العلماء فيه لا تتوفّر ، ولأنّه يفتح ثغرة للطاعنين في كتاب الله تعالى من أعداء الإسلام الّذين يتربّصون به الدوائر وينتهزون الفرصة لهدمه وتشكيك الناس فيه. والعجيب أنّه قد وردت رواية عن عمر : ولو لا أن يقال زاد عمر في المصحف لكتبتها! فهذا الكلام يدلّ على أنّ لفظها موجود لم ينسخ ، فكيف يقال إنّها ممّا نسخ لفظه وبقي حكمه! وهي موجودة ومسطّرة ومحفوظة على قولهم. ولو كانت آية من القرآن وتحقّق منها عمر لأثبتها من غير تردّد ولا وجل.
وبعد أن نقل الأستاذ العريض هذه الكلمات قال أخيرا : وأميل إلى هذا الرأي لأنّ الصواب في جانبه. فالمنسوخ تلاوة الثابت حكما غير موجود في كتاب الله تعالى. فالحقّ عدم جوازه (١).
قلت : (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ)(٢) و (سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا)(٣). والحمد لله ربّ العالمين.
مسألة الإنساء
ومزعومة أخرى تشابه أختها في التعسّف والاختلاق ، قالوا : من الآيات ما نسيت من القلوب ولم يعد لها ذكر في الصدور والأذهان.
وهذا نظير مسألة نسخ التلاوة التي مرّت آنفا ، حاولوا بذلك علاج ما رويت لديهم من أحاديث ـ حسبوها صحاح الإسناد ـ تنمّ عن ضياع كثير من آيات القرآن بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
[٢ / ٢٩٤٦] فقد أخرج جلال الدين السيوطي بإسناده إلى عمر بن الخطّاب ، قال لعبد الرحمان بن
__________________
(١) فتح المنّان : ٢٢٣ ـ ٢٣٠.
(٢) يوسف ١٢ : ٥١.
(٣) الأعراف ٧ : ١٤٩.