قال تعالى :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤))
والآية ترذيل لأيّ محاولة كانت للتهريج بين المسلمين والتفرقة في صفوفهم التراصّة ، وتبديد التفاهم حول محوريّة العقيدة الإسلاميّة العريقة.
فمن محاولاتهم الفاشلة ـ سواء أكانت من اليهود وسائر أهل الكتاب ، أم من رؤساء الشرك والنفاق من العرب ـ كان من محاولاتهم بثّ روح النفرة عن الدين ، والرغبة عن ركائز الفطرة والعقيدة الثابتة في نفوس المسلمين ، ليحولوا دون حضورهم الكاظّ من المساجد للعبادة .. سعيا وراء خرابها : إخلائها عن المصلّين وإجلاء المتعبّدين منها.
ولكن هيهات ، من حفر بئرا لأخيه ، وقع فيه. أولئك هم يستحقّون الإبعاد والمطاردة والحرمان من الأمن ، فلن يدخلوها إلّا خائفين ـ كالذي حدث عام الفتح ، حيث نادى منادي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألا ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن ، فلجأ إليه المستأمنون من جبابرة قريش ، وكانوا قبل ذلك هم يصدّون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن معه ويمنعونهم زيارة بيت الله الحرام. وبذلك شملهم الخزي عاجلا قبل خزي الآخرة الشديد العظيم.
[٢ / ٣٠١٦] أخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء المشركون حين صدّوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن البيت يوم الحديبيّة. (١)
[٢ / ٣٠١٧] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) قال : هم النصارى ، كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى ، ويمنعون الناس أن يصلّوا فيه. (٢)
__________________
(١) الطبري ١ : ٦٩٧ / ١٥١٣.
(٢) الدرّ ١ : ٢٦٤ ؛ الطبري ١ : ٦٩٦ / ١٥١٠ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢١٠ / ١١١٢ ؛ ابن كثير ١ : ١٦١.