تعود إلى جواز الصلاة إلى أيّ الجهات ، كما في الصلاة على الراحلة ، يتّجه المصلّي حيثما توجّهت به راحلته ، وكذا الصلاة في السفينة ونحوها من مراكب السفر .. وهكذا الصلاة مندوبة إذا صلّاها ماشيا ، أو إذا اشتبه القبلة في ظلام الليل ، صلّى إلى أيّ الجهات الأربع ، كلّ ذلك وردت الرخصة به في الشريعة الغرّاء (١). والاستناد في الجميع هي هذه الآية الكريمة.
إذن فالآية ذات أبعاد وجوانب ، جاءت لتحلّ مشكلة تحويل القبلة ، من جانب ولتجيب على مسائل أخرى ـ تمسّ أمر الاستقبال في حالات وظروف خاصّة ـ من جوانب أخرى.
وليس هذا من استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، وإنّما هو أخذ بمفهوم عامّ شامل.
وبعبارة أخرى : طبّقت الآية على مورد النزول بمفهومها العامّ ، والذي هو صالح للانطباق على موارد أخرى تناسبها ، كما لا يخفى على المتدبّر.
حادث تحويل القبلة إلى البيت العتيق
صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مدّة بقائه بمكّة وبعد الهجرة لمدة بضعة عشر شهرا ، متوجّها إلى بيت المقدس ، حتّى جاءه الأمر بالتحوّل نحو البيت العتيق.
قال الشيخ أبو عبد الله المفيد : أنّ ذلك كان في النصف من رجب سنة اثنتين من الهجرة. (٢)
[٢ / ٣٠٣٢] وروى عن معاوية بن عمّار أنّه سأل الإمام الصادق عليهالسلام عن ذلك ، قال : متى صرف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الكعبة؟ قال : «بعد رجوعه من بدر. (٣)
كان يصلّي في المدينة إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا ، ثمّ تحول إلى الكعبة». (٤)
[٢ / ٣٠٣٣] وعن أبي بصير عن أحدهما (الباقر والصادق عليهماالسلام) في حديث قال : قلت له : إنّ الله أمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يصلّي إلى بيت المقدس؟ قال : «نعم ، ألا ترى أنّ الله تعالى يقول : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ ...)(٥). ثمّ قال : إنّ بني عبد الأشهل أتوهم
__________________
(١) وسنذكرها.
(٢) الوسائل ٤ : ٣٠٢ / ١٦ عن كتاب مسارّ الشيعة للمفيد : ٣٥.
(٣) المصدر : ٢٩٧ / ١ باب ٢.
(٤) المصدر : ٢٩٨ / ٣.
(٥) البقرة ٢ : ١٤٣.