قبلة الدعاء والمسألة في غير الصلاة
[٢ / ٣٠٨٥] أخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما في تفسير قوله تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(١) عن مجاهد وسعيد بن جبير والحسن والضحّاك وغيرهم : أنّ أناسا سألوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقالوا : إلى أين نتوجّه في الدعاء والمسألة؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أينما تولّيتم فثمّ وجه الله». وتلا : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ)(٢). (٣).
[٢ / ٣٠٨٦] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس ـ في الآية ـ قال : قبلة الله ، أينما توجّهت شرقا أو غربا. (٤)
أين وجه الله؟
ماذا يكون المراد من وجه الله؟
المراد من وجهه تعالى : واجهته حيثما توجّهت إذ لا يحجزه مكان كما لا يخلو منه مكان. وكلّ ما في الوجود إنّما هو بمحضره تعالى ، لا يغيب عنه شيء ، ولا يحتجب منه شيء. فكلّ حضور لديه تعالى وبمشهده حيثما كانوا وحيثما ذهبوا.
وبتعبير أدقّ : العالم كلّه وبرمّته في قبضته تعالى ، (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ)(٦).
ومن ثمّ فأينما توجّهت كنت واجهته تعالى على الحقيقة ، بعد أن كنت حاضرا لديه في جميع أبعادك وجوانبك (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً)(٧).
[٢ / ٣٠٨٧] روى ابن بابويه الصدوق بإسناده إلى سلمان الفارسي ـ في حديث طويل ـ قال : قدم وفد من النصارى ، بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يترأسهم جاثليق ، وكانت لهم أسئلة ، لم يجبهم عليها
__________________
(١) غافر ٤٠ : ٦٠.
(٣) البقرة ٢ : ١١٥.
(٤) نقلا بالمعنى عن الطبري ١ : ٧٠٥. والثعلبي ١ : ٢٦٣. والبغوي ١ : ١٥٨. وأبي الفتوح ٢ : ١٢٥. والقرطبي ٢ : ٨٣.
(٥) ابن أبي حاتم ١ : ٢١٢ / ١١٢٤ ؛ الدرّ ١ : ٢٦٧ ؛ ابن كثير ١ : ١٦٢.
(٦) فصّلت ٤١ : ٥٤.
(٧) النساء ٤ : ١٢٦.