قال تعالى :
(وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧) وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨))
تلك نغمة أخرى تحاكي تصوّرات اليهود الخاطئة ، ومن العرب من كان على شاكلتهم في العقيدة المنحرفة.
ولقد صدق القول بأنّ الكفر شرعة واحدة ، كانت اليهود وسائر أهل الكتاب يزعمون التوحيد في عقيدتهم ، وإذا هم مع المشركين يتعاضدون في عقيدة الشرك. فقد كانت مقولة النصارى في المسيح : إنّه ابن الله وكذا اليهود في عزير (١). وبذلك ساندوا إخوانهم العرب المشركين حيث جعلوا لله البنات. (٢)(وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ)(٣).
ولا يزال هذا التكاتف اللئيم ضدّ تعاليم الإسلام قائما على ساق ، وإنّما هي حرب شعواء ضدّ العقيدة وضدّ الإيمان بالله العظيم.
وهنا يبادر القرآن بتنزيهه تعالى عن مثل هذا التصوّر ، وتبيين حقيقة الصلة بينه وبين خلقه جميعا.
(سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ).
هذه هي فكرة الإسلام التجريديّة الكاملة عن الله ـ سبحانه ـ وعن نوع العلاقة القائمة بين الخالق وخلقه ، إنّها علاقة الفاعل مع عمله الذي أبدعه عن إرادته فحسب إرادة مطلقة حكيمة ..
__________________
(١) التوبة ٩ : ٣٠.
(٢) النحل ١٦ : ٥٧.
(٣) الأنعام ٦ : ١٠٠.