لا يشاركه أحد ولا يعجزه شيء (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) «سبحان من خضعت له الأشياء». (١)
فلا ضرورة تدعو أن يكون له ولد ـ أقرب شيء إلى والده ـ بعد أن خضعت له الرقاب جميعا على سواء.
(بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أبدعها من غير سابقة وبدون وسيط من قوّة أو مادّة (وَإِذا قَضى أَمْراً) أراد خلق شيء ، فتكفي الإرادة لنشأته من غير وسيط (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) من غير فصل ولا تعليل. وهذا غاية في القدرة وتحكيم الإرادة.
وإذ ينتهي من عرض مقولة أهل الكتاب ، يتبعها بمقولة أشياعهم من المشركين ، والجميع في الجهل بموضع التوحيد والربوبيّة سواء.
(وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) لا علم لهم ولا كتاب منير (لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ) مشافهة (أَوْ تَأْتِينا) بالذات (آيَةٌ) نعرفها (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وهم أشياخ اليهود على عهد نبيّ الله موسى عليهالسلام قالوا : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) قالوا مثل قول جهلة العرب. كما طلبوا الخوارق ونزول الآيات. فقد تشابهت قلوبهم ، وتوحّدت طبيعتهم المتعنّتة ، سواء أكانوا أهل كتاب أم عربا أمّيين. فهؤلاء وأولئك سواء ومتشابهوا القلوب في التصوّر والعنث والضلال.
نعم ، قد تمّت الحجّة ولاحت المحجّة (قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) فالذي يجد في قلبه راحة الإيمان واليقين ، يجد في الآيات منشوده ، الأوفى ، ويجد فيها طمأنينة وارتياحا ، وسلامة في عقيدة وصدقا في يقين.
وإليك من روايات الباب :
قوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً)
[٢ / ٣٠٩٣] روى عليّ بن إبراهيم بالإسناد إلى أبي بصير عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : قلت : قوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً). قال : «هذا حيث قالت قريش : إنّ لله ولدا ، وأنّ الملائكة : إناث.
فقال الله ردّا عليهم : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) أي عظيما (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) ممّا قالوا (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) قال تعالى : (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً. إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا
__________________
(١) كما جاء في تسبيح الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام البحار ٩١ : ٢٠٦.