قوله تعالى : (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
[٢ / ٣١٢٤] قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : «يقول لمّا أراد كونه : كن ، فيكون. لا بصوت يقرع ولا بنداء يسمع ، وإنّما كلامه ـ سبحانه ـ فعل منه أنشأه ومثّله ، لم يكن من قبل ذلك كائنا ، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا». (١)
قال العلّامة المجلسي في الشرح : قوله : «يقول لمّا أراد» لعلّه بيان لمعنى الآية وأنّه ليس مراده تعالى التكلّم الحقيقي ، بأن يكون له صوت يقرع الأسماع ، ونداء يسمعه الآذان. بل ليس له إلّا تعلّق إرادته تعالى ، وإنّما هذا الكلام الذي عبّر عن الإرادة به فعله تعالى وخلقه للأشياء وتمثيلها وتصويرها. وليست الإرادة قديمة ، وإلّا لكان إلها ثانيا.
وهذا يدلّ على أنّ الإرادة صفة حادثة ـ كما ورد في سائر الأخبار.
قال : ويحتمل أن يكون «إنّما كلامه ..» إشارة إلى الكلام الحقيقي وبيانا لكيفيّة صدوره وكونه حادثا لا قديما وهذا يدلّ على أنّ القدم ينافي الإمكان ، وأنّ القول بقدم العالم شرك. (٢)
وفيه أيضا : «يقول ولا يلفظ ، ويريد ولا يضمر ..» (٣)
[٢ / ٣١٢٥] وفي حديث الإهليلجة سأل المفضّل بن عمر الإمام أبا عبد الله الصادق عليهالسلام قال : فأخبرني عن إرادته تعالى؟ فقال : «إنّ الإرادة من العباد الضمير وما يبدو بعد ذلك من الفعل. وأمّا من الله ـ عزوجل ـ فالإرادة للفعل إحداثه ، إنّما يقول له : كن ، فيكون ، بلا تعب ولا كيف». (٤)
[٢ / ٣١٢٦] وروى ابن بابويه الصدوق بالإسناد إلى صفوان بن يحيى قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : أخبرني عن الإرادة من الله ومن المخلوق؟ فقال : «الإرادة من المخلوق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل. وأمّا من الله ـ عزوجل ـ فإرادته إحداثه لا غير ذلك ، لأنّه تعالى لا يروّي ولا يهمّ ولا يتفكّر ، وهذه الصفات منفيّة عنه ، وهي من صفات الخلق. قال : فإرادة الله هي الفعل لا غير ذلك ، يقول له : كن ، فيكون. بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همّة ولا تفكّر ، ولا كيف لذلك ، كما أنّه [تعالى] بلا
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٨٦ ؛ البحار ٤ : ٢٥٤ ـ ٢٥٥ / ٨. نقلا عن كتاب الاحتجاج ١ : ٣٠٢ ؛ البحار ٥٤ : ٣٠ / ٦. نقلا عن النهج والاحتجاج.
(٢) البحار ٤ : ٢٥٩.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ١٨٦ ؛ البحار ٤ : ٢٥٤ و ٧٤ : ٣١٢ / ١٤ ، باب ١٤ ؛ الصافي ١ : ٢٧٢ ؛ كنز الدقائق ٢ : ١٣٠ ؛ نور الثقلين ١ : ١١٩ / ٣٣٠.
(٤) البحار ٣ : ١٩٦.