كيف». (١)
[٢ / ٣١٢٧] وبالإسناد إلى محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «المشيئة محدثة». (٢)
[٢ / ٣١٢٨] وعن عاصم بن حميد عنه عليهالسلام قال : قلت له : لم يزل الله مريدا؟ فقال : «إنّ المريد لا يكون إلّا المراد معه. بل لم يزل عالما قادرا ثمّ أراد». (٣)
وقفة عند مسألة الإرادة
قلت : في هذا الحديث (حديث عاصم عن الصادق عليهالسلام) نكتة ظريفة أشار إليها الإمام عليهالسلام حيث أجاب على سؤال عاصم : «لم يزل الله مريدا؟» بأن لا فصل بين الإرادة وتحقّق المراد خارجيّا. فإذ كان تحقّق المراد أمرا حادثا ، فلازمه أن تكون الإرادة أيضا حادثة ، حيث تواجد المتلازمين حدوثا وقدما.
على أنّ التعبير في الآية «إِذا أَرادَ ...» شاهد على حدوثها ، لم تكن فكانت ، فالإرادة صفة فعل فتكون حادثة لا محالة ، في مقابلة صفات الذات الأزليّة «لم يزل عالما قادرا ، ثمّ أراد» .. فما أجمله من بيان وأدقّه من برهان.
والإرادة والطلب متلازمان .. غير أنّ الإرادة فعل جانحي ـ وهو العزم على العمل ـ كما أنّ الطلب عمل جارحي ـ وهو السعي وراء تحقق المراد ـ. والإرادة هي الباعثة على الطلب .. يعزم ثمّ يسعى ..
ومن ثمّ كان التأكيد في أحاديث أئمّة أهل البيت عليهمالسلام على أنّ الإرادة هي المشيئة ، وأنّها صفة فعل وهي حادثة ، «ثمّ أراد».
قال الشيخ أبو عبد الله المفيد : إنّ إرادة الله تعالى لأفعاله هي نفس أفعاله ، وإرادته لأفعال خلقه أمره بالأفعال. وبهذا جاءت الآثار عن أئمّة الهدى من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو مذهب سائر الإماميّة إلّا من شذّ منهم عن قرب (أي حديثا) وفارق ما كان عليه الأسلاف. وإليه ذهب جمهور البغداديّين من
__________________
(١) التوحيد : ١٤٧ / ١٧ ، باب صفات الذات وصفات الفعل ؛ عيون الأخبار ١ : ٩٧ / ١١ ، باب ١١.
(٢) التوحيد ١٤٧ / ١٨.
(٣) المصدر : ١٤٦ / ١٥.