وقال ـ في تفسير سورة البقرة ـ : «عدّ المواعدة أربعين إمّا للتغليب أو لأنّه كانت العشرة الأخيرة بمواعدة أخرى ، فالأربعون مجموع المواعدتين ، كما وردت به الرواية. وذكر الرواية على ما أسلفنا» (١).
ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي عن أبي علي الجبّائي وأبي بكر بن إخشاذ ـ واسمه أحمد بن عليّ ـ : أنّ هذه المواعدة (أربعين ليلة) هنا في سورة البقرة ، هي التي جاءت في سورة الأعراف (ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ).
قال : ومن الناس من قال : هي غيرها.
قال الشيخ : والأوّل أظهر .. وإنّما ذكر الثلاثين وأتمّها بعشر ، والأربعون قد تكمل بعشرين وعشرين! لأنّ الثلاثين أراد بها ذا القعدة أو ذا الحجّة ، فذكر هذا العدد لمكان الشهر ، ثمّ ذكر ما يتمّ به العدد أربعين ليلة (٢).
قوله تعالى : (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ)
[٢ / ١٨٢٨] قال مقاتل بن سليمان : وكان موسى عليهالسلام أخبر بني إسرائيل بمصر «فقال لهم» : إذا خرجنا منها أتيناكم من الله ـ عزوجل ـ بكتاب يبيّن لكم فيه ما تأتون وما تتّقون ، فلمّا فارقهم موسى مع السبعين واستخلف هارون أخاه عليهم اتّخذوا العجل ، فذلك قوله ـ سبحانه ـ (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ) يقول من بعد انطلاق موسى إلى الجبل (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) وذلك أنّ موسى قطع البحر يوم العاشر من المحرّم فقال بنو إسرائيل : وعدتنا يا موسى أن تأتينا بكتاب من ربّنا إلى شهر فأتنا بما وعدتنا ، فانطلق موسى وأخبرهم أنّه يرجع إلى أربعين يوما عن أمر ربّه ـ عزوجل ـ فلمّا سار موسى فدنا من الجبل ، أمر السبعين أن يقيموا في أصل الجبل وصعد موسى الجبل فكلّم ربّه ـ تبارك اسمه ـ وأخذ الألواح فيها التوراة ، فلمّا مضى عشرون يوما قالوا : أخلفنا موسى العهد فعدّوا عشرين يوما وعشرين ليلة ، فقالوا : هذا أربعون يوما ، فاتّخذوا العجل ، فأخبر الله ـ عزوجل ـ موسى بذلك على الجبل ، فقال موسى «لربّه» : من صنع لهم العجل؟ قال : السامريّ صنعه لهم ، قال موسى لربّه :
__________________
(١) المصدر ١ : ١٩٠ و ١٩١.
(٢) التبيان ١ : ٢٣٨.