قصّة العجل والسامريّ
ما جاء بشأن العجل والسامريّ أكثره خرافة إسرائيليّة نحتتها عقول هزيلة جاهلة بمواضع رسالات الله الصافية النقيّة.
ويكفيك أن تجد نصّ العهد القديم يخالف نصّ القرآن الكريم في كثير من مواقف إسرائيليّة المتعنّتة ، ومنها قصّة العجل الذي اتّخذوه إلها من دون الله ، فور أن فارقهم نبيّ الله موسى عليهالسلام لبضعة أيّام ، ذلك النبيّ الذي أعاد عليهم شخصيّتهم الكريمة وأنجاهم من ذلك الكرب العظيم.
انظر إلى التوراة تنسب صنع العجل إلى هارون ، خليفة موسى في الدعوة إلى الله ونبذ الأنداد.
جاء في سفر الخروج : أنّ موسى عليهالسلام لمّا أبطأ على بني إسرائيل طلبوا من هارون أن يصنع لهم آلهة ، فأجابهم هارون إلى ذلك ، وأخذ أقراط الذهب ، وصنع منها عجلا مسبوكا ، وقال : هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر. فأصعدوا محرّقات وقدّموا ذبائح ، وأكلوا وشربوا وقاموا باللعب حول العجل.
وأخبر الربّ موسى أنّ الشعب قد أفسد ، فقد صنعوا عجلا وسجدوا له ... فحمي غضب الربّ وأراد أن يهلكهم لو لا أنّ موسى تشفّع لهم. وكان عند ما اقترب إلى المحلّة أبصر العجل والرقص ، فحمي غضبه وطرح اللوحين من يديه وكسرهما ، ثمّ أخذ العجل الذي صنعوا وأحرقه بالنار ، وطحنه وذرّاه على الماء وسقاه بني إسرائيل.
وقال لهارون : ماذا صنع بك هذا الشعب حتّى جلبت عليه خطيئة عظيمة؟! فاعتذر أنّهم افتقدوك فصنعت لهم العجل. (١)
ونقرأ في سورة طه :
(وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى. قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ. فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي. قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ. فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ. أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً. وَلَقَدْ قالَ
__________________
(١) سفر الخروج ، أصحاح ٣٢ / ١ ـ ٢٤.